مع استئناف جلسات مجلس النواب لمساءلة الحكومة، لم يكن النقاش محصوراً في تقييم الأداء التنفيذي أو طرح مشاريع الإنقاذ، بل تحوّل كالمعتاد إلى مشهد استعراضي جديد من إنتاج نواب "التيار الوطني الحر". فها هو النائب سليم عون، وغيره من رموز "الإصلاح المزعوم"، يدخلون في سجال لفظي مع نائب الشمال أحمد الخير، بعدما تجرأ الأخير على قول ما يعرفه كل لبناني: أن الإصلاح الذي وُعدنا به تحوّل إلى شعارات جوفاء، تذكّرنا بمسلسل "الإصلاح والتغيير" الذي استمر عقدين ولم ينتج سوى العجز والشلل.
بدلاً من تقديم كشف حساب عن سنوات من الشعارات الفضفاضة، والتمترس خلف معارك عبثية، كان الجواب صراخاً في القاعة: "فيكن تحلّوا عن سمانا"، وكأن التيار الذي رفع شعار "ما خلونا" لسنوات، لا يزال يعتبر نفسه فوق المساءلة.
أليس الأولى بمن تولّى الوزارات والنيابة لعقود أن يقدّم إنجازاته بدلاً من توزيع الاتهامات؟ ألا يستحق اللبنانيون إجابات واضحة عن الكهرباء، والفساد، والهيكل الإداري المنهار، بدلاً من العبارات النرجسية والدفاعات الهجومية؟
ما حدث في الجلسة لم يكن سوى صورة مصغّرة عن ذهنية تيار اعتاد رفع الشعارات وتجنّب المحاسبة. فمن رفع شعار "الإصلاح والتغيير" عليه أن يتحمّل مسؤولية ما تغيّر فعلاً… أو بالأحرى، ما لم يتغيّر إطلاقاً.