كتبت لينا البيطار
بين الحاجة الملحّة لإيواء الآف النازحين اللبنانيين من مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت خصوصاً على أبواب الشتاء المقبل وبين “هاجس التغيير الديموغرافي” الذي سيطال الحيّز الجغرافي لحركة النزوح الداخلي، تتأرجح الدراسة التي تُعدُّها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والمتّصلة بخطط إيواء النازحين تحت ضغط الحرب المتواصلة من قبل إسرائيل على لبنان من شماله الى جنوبه الى بقاعه مروراً بعاصمته.
وعلى جري العادة خلال الأزمات وقبلها وبعدها ربما، اعتمدت الحكومات المتعاقبة “حلولاً ترقيعية” موقتة للمشكلات التي ترتدُّ على المواطنين في نهاية المطاف أزمات إضافية كان آخرها الدراسة المتعلّقة بتأمين “بيوت جاهزة”(prefabrique) للسكن لإيواء النازحين اللبنانيين البالغ عددهم نحو مليون و200 ألفاً من دون احتساب النازحين السوريين من مناطق القتال أيضاً بعد نزوحهم الأول من سوريا.
وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية كان قد تحدث، وإن باقتضاب لافت من دون الدخول في التفاصيل، عن إمكانية إيواء النازحين في بيوت جاهزة مسبقة الصنع أو ما يُعرف بـ”الإنشاءات غير الثابتة” تُبنى فوق الأملاك العامة التابعة للدولة والمشاعات ومنها أملاك وزارة الأشغال العامة، وقد تمّت المباشرة بتحديد الأراضي، بتكليف من رئيس الحكومة، التي يمكن تشييد البيوت الجاهزة عليها،كما تمَّ تحديد المناطق بثلاث: بيروت والبقاع والشمال بذريعة عدم إبعاد أو إبتعاد النازحين الى أماكن بعيدة عن المناطق التي غادروها قسراً، “والبحث جارٍ عن التمويل من خلال “لجنة الطوارئ الوطنية” التي شُكّلت لمتابعة أزمة النزوح بكل مندرجاتها.
المعلومات المتوافرة حتى الآن أشارت الى أن تنفيذ هذه الخطة سيكون عبر شراء نحو خمسة الآف وحدة سكنية من تركيا بتكلفة تناهز 5 الآف دولار للمنزل الواحد المصنوع من مادة PVC (الكلوريد المتعدّد الفينيل وهو من المنتجات الصناعية الكيميائية من ميزاتها مقاومة الماء وخفة الوزن وسهولة تجميع القطع المصنوعة منها)، علماً أن تركيب هذه المنازل لتصبح جاهزة للسكن يستغرق نحو أسبوعين، وهي مدة قصيرة نسبياً.
تبقى الإشارة الى أن “البيوت الجاهزة” كانت تُشكل “الحل المرتجى” لذوي الدخول المحدود قبل الأزمة الاقتصادية التي بدأت بالتفاقم منذ العام 2019، لأنها الخيار الأكثر إقتصاداً وتوفيراً بحيث إن كلفة المتر المربع منها كانت تتراوح بين 40 و150 دولاراً، أي ما يقارب ثلث كلفة البيت التقليدي، وهي لا تحتاج الى رخصة بناء بل الى علمٍ وخبر يُقدّم الى البلدية المعنيّة ضمن نطاقها الجغرافي إذا كانت مساحة المنزل لا تتجاوز الـ150 م2.
البيوت الجاهزة قد تكون الحل الأمثل للإيواء الموقت للنازحين عن قراهم وبلداتهم لكن الخشية تلوح في الأفق، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على كامل الأراضي اللبنانية، من مخطط بعيد المدى لتغيير “الخريطة الديموغرافية” للبنان وتحويل هذه الأماكن المستحدثة الى “بؤر احتكاك أمني وتوتر طائفي”.. وللبحث صلة.