في كواليس اجتماعات الخريف للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن، تتسرب أجواء ومعلومات تفيد بمناخات سلبية تحيط بكل الجهود والمساعي التي يقوم بها الوفد اللبناني إلى هذه الإجتماعات، حيث أن استعادة الثقة الخارجية بلبنان لا تزال مهمةً شبه مستحيلة اليوم، لأسباب متعددة توالت بعد القرار الكارثي الذي اتخذته حكومة حسان دياب في العام 2020 والذي سبّب الإنهيار المالي والمصرفي بشكل دراماتيكي، وسقوط الليرة اللبنانية وتبخر ودائع اللبنانيين.
ووفق ما تكشف مصادر إقتصادية مواكبة، فإن السلطة اللبنانية تتخبط في الأزمات المالية الناجمة عن سوء الإدارة الفاضح الذي ساد عهد الرئيس السابق ميشال عون، حيث مارس تياره بالتعاون مع الثنائي الشيعي ما يشبه الإستبداد والعشوائية والشعبوية في اتخاذ قرارات مصيرية نتج عنها أسوأ انهيار مالي في العصر الحالي، ثم عملوا على تحميل المسؤولية عن مسار من الأخطاء إن لم يكن الجرائم بحق اللبنانيين، إلى شخص وحيد هو الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة.
وعند هذا الحد، لا يمكن إغفال استمرار هذا الأداء حتى اليوم من قبل هذه الأطراف حيث يطغى الإستثمار في الأزمات كنهج متبع لدى "التيار الوطني الحر"، وتبقى الشعارات الشعبوية ركيزة حملات مسؤولي التيار في أي استحقاق او عند أي محطة او منعطف داخلي، وكأن اللبنانيين من دون ذاكرة او نسوا ما ضُربوا به من مصائب، في عهد كان "التيار" يمسك فيه بمقاليد السلطة ويتخذ القرارات التي يلوم الآخرين اليوم عليها وعلى ما أدت إليه من نتائج.
ومن الحملة التضليلية التي لا تحوي إلا الأكاذيب، تبرز عناوين استرجاع الأموال إلى المحاسبة على الإنهيار المالي في العام 2019، التي يحملها الخطاب السياسي الذي يتركز اليوم على المنحى الإقتصادي والمالي بسبب الخواء والفراغ وأزمة الثقة الشعبية بطروحاتهم.
وعليه، تكشف المصادر الإقتصادية أن أداء التيار وحلفائه، هو المسؤول عن ضياع ودائع اللبنانيين، الذين باتوا على بينة من أن سبب الإنهيار المالي وإفلاس المصارف وانهيار العملة الوطنية، هو قرار الإمتناع عن دفع سندات الدين اللبناني، ثم تبديد وسرقة أموال المودعين عندما كانوا في موقع المسؤولية بسبب الإنفاق على مشاريع فاشلة لا تهدف سوى لتحقيق منافعهم الخاصة والشخصية.
وهنا، من المفيد اليوم ومع استعداد "التيار" لبدء الحملات الانتخابية وترشيح رموز لعبت دوراً في تشويه الحقائق أمام الرأي العام المحلي والخارجي، التوضيح بأن الفكرة الأساسية والأقرب إلى الحقيقة في هذا المجال، هي أن السلطة السياسية المكونة في تلك الحقبة التي سبقت انهيار 2019، قد تكوّنت من ثلاثة أطراف فاعلة شكلت قوى الأمر الواقع، وهي "التيار" وثنائي "أمل" و"حزب الله"، اتخذت عبر حكومة حسان دياب القرار الكارثي الذي تسبب بخسارة المودعين 20 مليار دولار، وبانهيار المصارف اللبنانية والعملة طبعاً.
وللتذكير أيضاً، فإن السؤال الذي يجب طرحه على هؤلاء يتناول مسؤولية قرارات "الثلاثي" المذكور عند التخلف عن سداد فوائد الدين، والتمادي من قبل حكومة دياب التي كان يسيطر عليها رئيس التيار جبران باسيل ومعه الثنائي الشيعي، في اتخاذ القرارات التي قضت على ما تبقى من سيولة في المصرف المركزي من خلال سياسة الدعم التي تم تفصيلها على قياس مصالحهم الشخصية، ولا يزالوا إلى اليوم يرفضون أن يتحملوا مسؤولية هذا القرار ويسكتون لدى سؤالهم عن هذه المسألة، فيما الحقائق تكذب كل ادعاءاتهم.