كتب الدكتور شربل عازار
في إطلالته التلفزيونيّة الأخيرة، وَصَف الأمين العام لـ"حزب الله" إسرائيل بالوحش! وأكمل متسائلًا: "حين يهدّد الوحش قرية ما، ماذا يفعل أهلها؟ هل يهربون؟ أم يجتمعون كبارًا وصغارا ليرَوا كيف يواجهون الوحش؟"
ليستخلص أنّ "على الدولة بكامل مؤسّساتها ألّا تهرب، بل أن تواجه الوحش، أي إسرائيل".
في حلبة منازلة الثيران الإسبانية corrida de toros لا يَثور الثَور (الوحش) إلّا إذا استفَزَّه المُصارع ولوّح له بالقماش ليخيفه.
ما فات الشيخ نعيم قاسم في سرديّته عن "الوحش" هو سؤال أبناء القرية: هل دخل الوحش قريتهم من تلقاء نفسه أم هُم من استدعوه كما يفعل مُصارع الثيران؟
للتذكير، فإنّ "الوحش الإسرائيلي" إستدعاه "حزب الله" في العام ٢٠٠٦ بفعل قصف ملّالة إسرائيليّة وبفعل قتل وخطف جنود إسرائيليّين من داخل الشريط الحدودي.
واستدعى "حزب الله" "الوحش الإسرائيلي" مرّة أخرى في حرب "الإسناد والإلهاء والإشغال" في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣. والأخطر من الاستدعاء، أنّ الشيخ نعيم قاسم أكّد في كلمته أنّ "المقاومة هي دائماً أضعف من العدو ولا تقدر على مواجهة سلاحه !!".
يضعنا "حزب الله" أمام معادلات يستحيل فَهمها، فهل من يحلّ لنا هذه المعضلة؟:
١- إسرائيل أصبحت خارج لبنان منذ العام ٢٠٠٠.
٢- قوة "المقاومة" لا تستطيع أن توازن قوة إسرائيل.
٣- وبالرغم من ذلك، يستدرج "حزب الله" "الثور الإسرائيلي" في العام ٢٠٠٦ ويَتَدَمَّر الجنوب وغيره.
٤- ويستدرج "حزب الله" "الثور الإسرائيلي" في العام ٢٠٢٣، فتسقط قيادات الصفّ الأول والثاني والثالث للحزب، ويتدمّر الجنوب وتتسوّى عشرات البلدات بالأرض وتحتلّ إسرائيل نقاطًا داخل لبنان.
٥- والأنكى من استدعاء الثور الإسرائيلي، أن الشيخ قاسم يعتبر أنّ "ردع العدوان ليس من وظيفة "المقاومة" بل على الدولة والجيش ردع العدوان !!"
٦- ويفرض "حزب الله" على الدولة اللبنانيّة أن تعيد إعمار الجنوب وما تهدّم، من موازنة الدولة، يعني من جيوب جميع اللبنانيّين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في استدعاء ومُصارعة "الثور الإسرائيلي".
٧- والأدهى مِن ذلك، أنّ "حزب الله" مُصِرّ على الاحتفاظ بسلاحه "ولو أطبَقَت السماء على الأرض" حسب قول الشيخ نعيم، وكأنّ "الثور الإسرائيلي" سيتعب من النَطح.
وَينَك يا "اينشتاين"؟ إذا فيك تحلّها، حلّها.
الأسوأ، وللأسف، أنّ حفلة مُصارعة "الثور الإسرائيلي" تحصل في الملعب اللبناني، والقماش الأحمر بلون الدم هو الشعب اللبناني، والأضرار الكارثية هي على حساب الاقتصاد اللبناني.
فما همّ "حزب الله" وهو الذي يعتاش على الريال والتومان الإيراني؟