الحزب وادخال”التكليف” الديني في “البازار السياسي”

hezeb2

“والله لو ما “التكليف الشرعي” ما برجع

انا لو ما “التكليف الشرعي” ما طلعتش

انتوا قلتولي “تكليف شرعي” بطلع

.. بس “التكليف” رجعني

لو ما “التكليف الشرعي” الله بيشهد ما بطلع

انتوا قلتولي “تكليف شرعي”

والله لو ما “التكليف الشرعي” ما بطلع”.

لم تكن صرخة ابنة “الحزب” زهراء قبيسي بعد انقاذها من أيدي العدو الاسرائيلي على يد وتحت حماية الجيش اللبناني الا تعبيراً عن “انهيار” سردية الحزب واعلامه عن “عفوية” تحرك الاهالي الذي حاول تمريرها النائب علي فياض متنصلاً مما أكدته الوقائع وأثبتته زهراء بـ”انهيارها” امام عدسات المصورين وهي نفسها من بشرّت الحزب المُكلِّف وبيئة المقاومة المكلَّفة بدفع الأثمان الباهظة بـ”نحنا ما مننهار”.

 لم تكن المرّة الأولى التي يستغل فيها الحزب أبناء بيئته ويستثمر معاناتهم وجوعهم ودماءهم تحت الزامية وواجب “التكليف الشرعي” الديني تحقيقا لأهدافه الصغرى والكبرى و”تقريشا” له في بازارات النيابة والوزارة والرئاسة والحقائب والتكليف والتأليف.

لقد عرّف أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله “التكليف” في 24 كانون الثاني 2003 شارحاً “التكليف الشرعي يعني المسؤولية والمسؤولية تعني الطاعة. عندما تصبح في مستوى أننا مكلفون من الله يجب أن تلتزم بأوامره ونواهيه”.

انطلاقاً من تعريف نصرالله واضافة الى نموذج تكليف الأهالي” الدامي المكلف على تخوم بلداتهم في الجنوب وكما في نموذج تكليف “شبيحته” باستفزاز شركائه مسيحيين سنّة ودروزاً في مناطقهم، اضفى الحزب على نفسه الوهيته واسقط عن شركائه حتى  “انسانيتهم” اذ يعبر الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن تحريضه للمكلّفين أمثال زهراء وتحقيره الدائم للشركاء أمثال ابناء الجميزة عين الرمانة وفرن الشباك والجديدة وساقية الجنزير بقوله في 1 آب 2022: “حل عنّي يعني أنت أصلاً إنسان؟ أنا الله مكلفني أنت مين كلّفك، نحنا ناس الله مكلّفنا أنت مين مكلّفك”.

اما في استثمار هذا التكليف في السلطة وتقريشه في البازارات نقع على سلسلة من النماذج لن يكون آخرها زج “الاهالي” الذين دفعوا الدماء الغالية امام تخوم قراهم وبلداتهم في بازار تكريس المعادلات وفرض الحقائب وتحصيل المكاسب.

نبدأ بما نقلته صحيفة النهار في تاريخ 27 كانون الثاني 1986 عن حسن نصرالله قوله: “يجب أن نعمل على انضاج الممارسة للحالة الجهادية، فعندما يصبح في لبنان مليونا جائع فإن تكليفنا لا يكون بتأمين الخبز بل بتوفير الحالة الجهادية حتى تحمل الأمة السيف في وجه كل القيادات السياسية”… وبما نقلته صحيفة السفير في 7 حزيران 2005 عن الشيخ عفيف النابلسي رئيس تجمع علماء جبل عامل حول منحه الموافقة الدينية والشرعية لمشاركة حزب الله في الحكومة فبحسب الشيخ النابلسي “فإن الوضع السياسي الراهن ينزع أي محظورات على مشاركة حزب الله إذ ان احد معتقدات مقاصد الشريعة ينص على حماية المقاومة كنتيجة طبيعية لحماية القانون والنظام في المجتمع اللبناني ويضيف أن حماية القانون والنظام يشكّل “تكليفا شرعيا” بغية الحؤول دون وقوع الفوضى والغبن ومنعها من تمزيق المجتمع اللبناني وصد اسرائيل عن مهاجمة لبنان”.

وعن تكليف شرعي مكلف ودموي شبيه بالذي حصل مع “الأهالي” يومي 26 و27 كانون الثاني 2025 وتحديداً في قضية اغتيال النقيب سامر حنا، صرّح وكيل عائلة الشهيد النائب بطرس حرب في 17 حزيران 2009 “أن المتهم مصطفى المقدم اعترف بإطلاق النار على حنا لأن تكليفاً شرعياً طلب منه ذلك”.

في اطار “نزع المحظورات” غب طلب مصلحة الحزب عبر “التكليف” الذي تحدّث عنه الشيخ عفيف النابلسي كشف النائب آنذاك المحامي نوار الساحلي  في 15 تشرين الثاني 2010: “حزب الله كلّفني الدفاع عن الشيخ عمر بكري فستق”، الذي اعتبره المندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري في 14 شباط 2011 “مسؤولا لتنظيم القاعدة في لبنان”… لتعود وتؤكد  المحكمة العسكرية اللبنانية في حكمها على فستق في 28 تشرين الأول 2015 بالأشغال الشاقة 6 سنوات على جرمه ب”تأليف تنظيم إرهابي يشكّل امتداداً للنصرة”.

حتى في انخراط الحزب في الحرب السورية بما جرّه عليه واللبنانيين والسوريين من دماء وخسائر يكشف نصرالله في 12 ايلول 2017: “هذه المعركة مباركة، ونحن ذهبنا إلى سوريا لأداء تكليفنا”.

قد يكون خير “توليف” وتوصيف لاستغلال “التكليف” هو في انتقاد المرجع السيد محمد حسين فضل الله لاستخدام الحزب التكليف الشرعي في انتخابات العام 2005، وفضل الله من مؤسسي الحزب وكان مرشده الروحي لفترة طويلة، ويجمع عليه الشيعة مرجعاً وعلّامة وفقيها، يتهم فضل الله الحزب في 14 كانون الأول من العام 2005 بـ”استغلال التكليف كسلعة في البازار السياسي لتلميع صورته ورفع معنوياته”، محذّراً من أنه “على الأمد الطويل سيعتاد الناس على هذه الممارسات المنحرفة التي لا تلتزم الإجراءات والأوامر الدينية، وبالتالي سيؤدي الأمر إلى تعرية المفاهيم والمعايير الإسلامية من طهارتها وأصالتها وبلوغها الشعب… لا أعتبر التكليف الشرعي يجب أن يستخدم لانتخاب الفاسد والمجرمين والقتلة والمتمردين… حزب الله يستخدم التكليف الشرعي من مصلحة براغماتية سياسية لإضفاء طابع الشرعية على نفسه”.

هذا ما شاب عليه الحزب من استغلال للدين في تكاليفه وفتاويه في خدمة مصالحه واطماعه الواسعة منها والضيقة والتي لا تمت بأي صلة لما يدّعيه في مظاهر تديّنه وايمانه ولم يكن ما قد شب عليه عند انطلاقته بمختلف عن اليوم اذ تنقل صحيفة السفير في 8 حزيران 1987 عن “شهيد” حركة أمل ورئيسها التنظيمي في الجنوب داوود داوود وفي انتقادٍ شيعي آخر من “اهل البيت” لاستغلال الحزب للدين قوله: “الذي يسرق يأتي بفتوى،والذي يقتل مسيحياً يأتي بفتوى والذي يسلب غنيّاً يأتي بفتوى”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: