الحزب وبشار.. وتخلّى “الزندُ” عن “السوار”

bachar

كتب أنطوان سلمون:

في 12 تشرين الأول 2024 ونقلا عن قناة “الحدث” أصدرت الفرقة الرابعة في الجيش السوري، بقيادة ماهر الأسد، أوامر جديدة تقضي بعدم نقل الأسلحة أو استضافة عناصر من حزب الله داخل الأراضي السورية واعتبرت “الحدث” هذه الخطوة “جزءًا من استراتيجية أوسع للحفاظ على استقرار النظام، وسط الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد”.

وفي 19 تشرين الأول 2024 أفادت مصادر لـ”سكاي نيوز عربية”، بأن الجيش السوري صادر مستودعي ذخيرة لحزب الله في ريف دمشق، مشيرة إلى أن السلطات السورية قيّدت أيضاً حركة عناصر حزب الله والمجموعات الموالية لإيران باتجاه الجولان، وفي حمص.

لقد كان وقع هذين الخبرين كوقع الصاعقة على جمهور الحزب الذي لطالما استبشر وعلى رؤوس أبواقه التي لطالما بشرّت بوحدة الساحات والمصير والمسار مع النظام والدولة السورية  قبيل وقوع واستفحال التدمير والدمار على لبنان ومحور الممانعة في غزة ولبنان، مستندين الى ما بذله الحزب من عرق ودم وجهد ومجهود وعتاد ورجال في سبيل الدفاع عن نظام الاسد وبقاء سيطرته على الدولة السورية، كما استناداً ايضاً الى ما هدّد به المحور من رأسه الى كل أذرعته وابواقها من المحيط الى الخليج عن فتح أبواب جهنم على العدو وحلفائه من ايران والعراق واليمن وسوريا ولبنان دفاعاً عن الحزب وذوداً عنه وحفاظاً عليه.

من لم يتفاجأ هو من راقب النظام السوري واداءه البراغماتي العملي الانتهازي المصلحي الذي يضع مصلحته اولاً مستغلاً مستثمراً للاوراق ولو كانت باللون الأحمر الدموي.

لن نخوض تفصيلياً كيف استغل نظام حافظ الاسد الورقة الفلسطينية للدخول الى لبنان وبسط سيطرته دفاعاً عن “قضيتها” بتسهيل اسرائيلي وتشجيع اميركي لان حقيقة الدخول كان فعليا ضرب منظمة التحرير الفلسطينية منذ العام 1976.

من الضروري التذكير كيف خاض الحزب والمحور الممانع والنظام الامني السوري اللبناني واتباعه اللبنانيون الحرب على القرار 1559 كونه قرارا اسرائيلياً – اميركياً يهدف الى ضرب المقاومة وسندها وظهرها في لبنان عبر سحب الجيش السوري منه، وهنا نعود الى ما قاله الراحل حسن نصرالله في 8 آذار 2005: “سوريا التي جمعنا بها مشيئة الله وحقائق الكون والتاريخ والجغرافيا والقربى والمصير الواحد، في هذا اليوم نجدد لها شكرنا، ونجدد تمسكنا بها ونطلب لها العيش الكريم والعزة والرأس المرفوع، أن تبقى سوريا عرين الأسود كما كانت عرين الأسود. لسوريا نقول: “عاشت سوريا الأسد، وسيبقى عرين الأسد في دمشق عريناً لكل أسود لبنان”… ليكمل وهنا بيت القصيد “نؤكد أن اتفاق الطائف فقط هو الذي يجب أن يحكم مسألة الوجود العسكري السوري وإرادة الحكومتين اللبنانية والسورية ومصالح البلدين فقط، وليست الضغوط الدولية ولا الإملاءات الدولية ولا تقديم مكافآت لإسرائيل… نحن المجتمعون هنا أتينا لنسمع العالم أننا نرفض القرار 1559”.

علما ان بشار الاسد كان قد سبق خطاب نصرالله متجاهلاً ما قاله عن “الاملاءات الدولية” مقدّماً “المكافاة لاسرائيل” معلناً صراحة في  5 آذار 2005 أن بلاده ستسحب كامل قواتها من لبنان إلى سهل البقاع قبل سحبها إلى الحدود مع لبنان وأشار الأسد إلى “أن الانسحاب التزام باتفاق الطائف وتطبيق لمقتضيات قرار مجلس الأمن 1559”.

لضرورة البحث ايضاً وفهم مآله نتوقف عند المفاوضات التي كانت قائمة بين نظام بشار الاسد “ظهر وسند المقاومة” والعدو الاسرائيلي في ظل حرب تموز 2006 وامتداداً الى العام 2007 بحثاً عن السلام عبر الوسيط السوري الاميركي ابراهيم سليمان وزياراته المكوكية بين دمشق وتل ابيب.

وقد يكون السيد نصرالله قد فهم متاخراً ببراغماتية ومصلحية النظام السوري اولاً على كل القضايا والساحات ووحدتها عندما قال في 6 آب 2024: “ليس المطلوب من ايران وسوريا الدخول بقتال دائم، بل المشاركة بالدعم السياسي والمادي والعسكري والمعنوي والتسهيلات”، ولكنه لم يكن يتوقع طبعاً ولن يفهم لو كان حيّاً ان النظام السند للمقاومة “المسانِدة” تخلّى حتى عن الدعم المذكور أعلاه كما قطع كل طرق وسبل التسهيلات على ما نقلناه آنفا عن “الحدث” و”سكاي نيوز” ليترك الحزب المساند دون سند يسنده او زندٍ يعضده بعد قطع راسه وحتى رؤوسه حفاظا على رأس ايران.

وكان بالنظام السوري يقول للحزب: “بحبك يا اسواري قد زندي لأ”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: