"الحزب" يدعو المملكة للحوار.. لكنّ من عرش الشجرة وبشروط لا تناقش!

naim kassem

في الذكرى السنوية لاغتيال القيادي في حزب الله، إبراهيم عقيل، وجّه الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، دعوة إلى المملكة العربية السعودية لفتح صفحة جديدة في العلاقات، واضعاً ستة أسس للحوار، اعتبرها مدخلاً لإعادة بناء الثقة بين الطرفين.

ورغم أن الخطاب جاء مغلفاً بلغة المصالحة والانفتاح، فإن مضمونه حمل من الاشتراطات والافتراضات المسبقة ما لا يتّسق مع مفاهيم الحوار الحقيقي.

الطرح الذي قدمه قاسم تضمن تحديداً صريحاً لطبيعة "العدوّ"، معتبراً أن إسرائيل هي الخطر الوحيد، وليست "المقاومة"، كما شدد على ضرورة تجميد الخلافات الماضية، والاعتراف بسلاح "الحزب" كجزء من منظومة الدفاع في المنطقة.

وبهذا، بدا وكأن "الحزب" يقدّم دعوة للحوار، ولكن بشروطه الخاصة، مفترضاً أن على الطرف الآخر أن يُراجع موقفه ويتفهم ثوابته، من دون أن يُقابل ذلك بأي مراجعة ذاتية.

ردود الفعل لم تتأخر، وكان من أبرزها تصريح أحد السفراء اللبنانيين السابقين، الذي تحدث لموقع "Lebtalks"، معبراً عن استغرابه من الخطاب، وواصفاً إياه بأنه دعوة تفتقر إلى التوازن.

أضاف: "من يريد حواراً، لا يبدأ بفرض المسارات، ولا يخاطب دولة إقليمية مثل المملكة العربية السعودية وكأنها طرف ثانوي في معادلة رسمها سلفاً، ومن أراد مصافحة حقيقية، فعليه أولاً أن ينزل عن الشجرة ويعرف حجمه أنّ الحوار لا يُبنى على شروط مسبقة، ولا على نغمة الوصاية، بل على أسس من الواقعية والاحترام المتبادل.

والمملكة، بوصفها لاعباً محورياً في المنطقة، تنطلق في سياساتها من رؤية واضحة للمصالح الإقليمية والدولية، ومن ثوابت قائمة على احترام السيادة وتوازن العلاقات، فالخطاب، بحسب السفير نفسه، لم يُقدم مراجعة سياسية، بقدر ما جاء على هيئة عرض مشروط.

وهذا النمط من الطرح لم يعُد مناسباً في مرحلة تتطلب من الجميع، بمن فيهم "الحزب"، إعادة النظر في الأولويات والتكتيكات، والتخلي عن نغمة التفوق الأخلاقي أو العقائدي، التي لا تجد لها مكاناً في ميزان العلاقات الدولية.

إن الحديث عن فتح صفحة جديدة لا يكتمل دون إدراك حقيقي لطبيعة المرحلة، ولواقع التوازنات الذي تغيّر كثيراً، فالسياسات لا تُدار من فوق الشجرة، والخطابات لا تكفي لتبديل المواقع.

وإذا كانت النية صادقة فعلًا في بناء علاقة جديدة مع السعودية، فإن البداية لا تكون بالتصريحات، بل بإعادة النظر في سلوك "الحزب" بدءاً من احترام الدولة وصولاً الى الاعتراف بهزيمته الكبري، عندئذٍ يقدم ما يدل على استعداد فعلي لتجاوز الخلاف، لا الاكتفاء بتجميده وفق شروط مسبقة.

ختاماً، من يمد غصن الزيتون، لا يجب أن يمدّه من الأعلى، بل من موقع الندية والاحترام والتواضع السياسي، لأن من يصر على البقاء في الأعلى، لا يبدو كمن يدعو إلى السلام، بل كمن ينتظر أن يأتيه الآخرون تسلقاً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: