تكرّرت في الآونة الأخيرة، ادّعاءات حزب الله حول "استعادة قوته" و"ترميم ترسانته"، إلا أن هذه الرسائل تُسوّق داخلياً لبيئته وكأن "الحزب" على أعتاب مرحلة جديدة من النفوذ والتأثير، بينما الواقع الداخلي يبدو أكثر هشاشة.
فعلى أرض الواقع، يتعرض "الحزب" يومياً لضربات تستهدف قياداته، عناصره، وبيئته، ما يطرح سؤالاً جوهرياً، إذا كان فعلاً في طور "استعادة القوة"، كيف يترجم ذلك على المستوى العملي، وخصوصاً تجاه التهديدات الإسرائيلية؟ ولماذا يبدو موقفه متحفظاً تجاه هذه الضربات، ولم يُعلن عن أي خطوة حاسمة؟
والأهم، لماذا لم يستطع "الحزب" تحقيق انتصار ملموس على إسرائيل أو فرض هيمنة واضحة على ساحات المعركة، رغم أنه كان في ذروة قوته، وقياداته على قيد الحياة، وسلاحه وعناصره محميين، ونفوذه داخلياً وخارجياً في أقوى حالاته؟ إلا أن على العكس، شهدت قياداته هزائم وانكسارات كبيرة.
إلى جانب ذلك، يعيش "الحزب" اليوم حالة حصار مادي غير مسبوقة، فمصادر تمويله التقليدية تراجعت بفعل العقوبات، وضُيّق عليه في حركة الأموال والدعم اللوجستي، ما انعكس مباشرة على قدرته في إدارة شبكاته الداخلية وتمويل عناصره، هذا التآكل المالي لا يُترجم فقط في تراجع الإمكانيات العسكرية، بل أيضاً في اهتزاز البنية الاجتماعية التي كانت تشكّل عموده الفقري داخل بيئته الحاضنة.
من هذا المنطلق، تبدو "النغمة" الحالية عن "استعادة القوة" أقرب إلى رسالة معنوية، تُراد بها رفع معنويات بيئته وطمأنة قواعده، أكثر من كونها انعكاساً لتوازن حقيقي للقوة، فالإعلام الداخلي لـ"الحزب" يعيد إنتاج صورة القوة كما لو أن كل التحديات قابلة للتجاوز، لكنه في الواقع لا يقدم مؤشرات حقيقية على تغيير ملموس في استراتيجيته تجاه التهديدات الخارجية.
في النهاية، ما يراه المراقبون ليس أكثر من محاولة لترميم صورة "الحزب" داخلياً، بينما الواقع الميداني والسياسي لا يزال يشير إلى هشاشة حقيقية، وفجوة كبيرة بين "خطاب القوة" و"حقائق القوة".