بعد توالي هزائم حزب الله من كل الجوانب، بات وحيداً من دون حلفاء بعدما تفرّق عشاقه لانّ دروب حزب الله وصلت الى الهاوية، وسط بعض الالتفاف من الاخ الاكبر، الحامي للحزب على مضض في ظل تركة ثقيلة، اوصلت رئيس المجلس النيابي الى سابع أرض، بسبب عمليات تدوير الزوايا والإستعانة ببعض مفردات اللغة العربية، التي تمحي بثوان الالفاظ الخشبية وتنعّمها، بعدما ضاق ذرعاً بهذه الوصية الثقيلة، لأنها جعلته يتنقل بين الألغام السياسية خلال لقائه الموفدين الأميركيين، أو إطلاق المواقف البعيدة نوعاً ما عن "الحزب" كي لا يخرج عن التحالف معه، لكن ضمنياً هو مع تسليم السلاح مقابل بعض الشروط والمطالب المحقة، تبعه في ذلك وزير المالية ياسين جابر المحسوب على حركة أمل، مصرّحاً "بأنّ أولويتنا بناء الدولة وتقوية مؤسساتها وتفعيل دورها وتعزيزه، وفي مقدمها الجيش اللبناني والقوى العسكرية وحصرية السلاح بيدها".
الى ذلك لم يعد من حلفاء مسيحيين للحزب، بعد سير النائب طوني فرنجية على خط تسليم السلاح غير الشرعي وضرورة حصرية السلاح، وتلقي والده رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية عتاباً شفهياً من احد نواب حزب الله، من دون ان يلقى جواباً على هذا الانقلاب، سبقه في ذلك رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، ليتبعه الحلفاء السنّة وابرزهم رئيس تيار "الكرامة" النائب فيصل كرامي، الذي حلّ قبل سنوات في وزارة كانت من حصة حزب الله لكنه قدّمها لكرامي كي لا "يزعل" لانه الحليف الدائم له، ليرّد هذه الهدية قبل أيام بطريقة معاكسة، خلال مأدبة غداء أقامها على شرف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في الضنيه، معلناً تأييده للدولة وحصريتها في مسألة السلاح. مما يؤكد باّن النواب السنّة باتوا خارج سرب حارة حريك، لأنّ ولاءهم أولًا للوطن ساعة الاستحقاق ولن يكون لإيران، هذا الموقف الذي سمعه حضور سنّي كبير قلبَ الوضع رأساً على عقب، اذ تبعه النائب حسن مراد ليؤكد على الموقف عينه مع دعمه للقوى الامنية الشرعية، ومن ثمّ النائب أسامة سعد، بعدها "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" التي بدّلت موقفها، كذلك الأمر بالنسبة لـ"الجماعة الإسلامية" ونائبها عماد الحوت، بعد مشاركتها في الحرب مع حزب الله لفترة ضمن عنوان المساندة، لكنّها اليوم تراجعت عن دعمه لتصبح تحت عباءة المفتي دريان الذي يعمل على توحيد اهل السنّة.
أمام انقلابات الحلفاء، برز تأييد سياسي وشعبي كبير لقرار الحكومة، كذلك تأييد عربي ودولي باستثناء إيران التي تبجّح مسؤولوها بمواقف رافضة لتسليم السلاح، لكن الردود اللبنانية عليهم كانت كافية ووافية، كذلك على "الحزب" الذي يتبجّح بضرورة الاحتفاظ بسلاحه الإيراني، على حساب سيادة لبنان واستقرار أمنه، فيما الحقيقة ساطعة ويقترب وهجها مع إقتراب سيطرة الدولة وإمساكها بزمام الأمور.
في سياق مختلف علت أصوات سياسية تسأل عن سبب هذا التغيير المفاجئ لدى الحلفاء؟، فرأت انّ المصالح الخاصة وصلت الى نهايتها كذلك الانتخابية، التي كان يفوز بها معظم الحلفاء المذكورين باصوات الشيعة تبعاً للمناطق التي يمثلونها، لكن سؤالاً من نوع آخر يدور في أذهان الكثيرين ضمن الخيايا والكواليس، فهل من احلام سياسية لدى البعض بأخذ مكانة الرئيس سعد الحريري الغائب حالياً في الاطار السياسي؟، لكنه باق في الاطار الشعبي لا بل زادت شعبيته، ثمة اجوبة تردّ على الطامحين بالوصول الى مرتبة شعبية الحريري، مفادها انّ احلام هؤلاء لن تتحقق، وسط نصائح بالجملة الى مَن تركَ محور الممانعة، فعليه ان يتجه نحو الزعامة الوطنية وليس زعامة الطائفة، وعندها سيتحقق حلمه!