تتسارع الاتصالات المالية في بيروت على وقع مفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، فيما لا تزال الخلافات حول توزيع الخسائر تُعرقل الوصول إلى خطة نهائية.
في هذا السياق، أكدت مصادر اقتصادية مطّلعة أن الجهات المعنية ارسلت 14 نسخة من الخطة المالية إلى صندوق النقد، إلا أنّ الصيغة النهائية لم تُنجز بعد، فيما لا تزال مسألة توزيع المسؤوليات وآليات السداد عالقة.
وبحسب المصادر، يشدّد صندوق النقد على أن لا تتحمّل الدولة أي التزام مباشر تجاه المودعين، إذ يرفض أن تُسجَّل على الحكومة ديون إضافية، ويكتفي بأن تلتزم الدولة تجاه الصندوق مقابل حصول لبنان على نحو 3 مليارات دولار، وتسديد جزء من الديون لـ"اليوروبوند".
في المقابل، تشير المصادر لموقع LebTalks إلى أنّ المصارف لا تزال الطرف الوحيد الذي يسدّد للمودعين من أموالها الخاصة، وأن السيولة التي تُدفع حالياً مصدرها فعلياً أرصدة المصارف التي كان مصرف لبنان قد اعتبر جزءاً منها احتياطاً لديه، ما يعني عملياً أنّ جزءاً كبيراً من أموال المركزي هو في الأصل أموال المصارف.
وتضيف المصادر أنّ الصورة لا تزال ضبابية في ما يتعلق بقانون الفجوة المالية، إذ إنّ أسس توزيع الخسائر المقترحة لا تحقق العدالة المطلوبة.
وتوضح المصادر أن الخيار الوحيد الذي لا يزال مطروحاً على الطاولة هو استخدام جزء من احتياطي الذهب، الذي ارتفعت قيمته السوقية إلى نحو 40 مليار دولار بعدما كانت تقدّر بـ13 ملياراً. ويجري البحث في إمكان استخدام ما يقارب 10 مليارات دولار من هذا الاحتياطي للدفع للمودعين فقط.
لكن المصادر تحذّر من أنه في حال تراجع سعر الذهب لاحقاً، فإنّ لبنان قد لا يستفيد عملياً من هذه الخطوة، ما يطرح تساؤلات حول جدوى الحديث المتكرر عن "عدم المسّ بالذهب" في وقت يُدرس فيه استخدام جزء منه.
وتشير المصادر أيضاً إلى أنّ الجهات التي تشجّع على توقيع اتفاق مع صندوق النقد تعتبر أن دخول الصندوق على الخط من شأنه أن يعيد الحدّ الأدنى من المصداقية الدولية للبنان بعد خمس أو ست سنوات من الانهيار وفقدان الثقة، ما قد يشجّع على عودة جزء من الاستثمار الخارجي.
إلا أنّ المصادر تحذّر في المقابل من أنّ البيئة الاستثمارية ستبقى رهينة عامل أساسي غير محسوم، وهو وجود السلاح غير الشرعي الذي يثير مخاوف المستثمرين ويقيّد أي محاولة حقيقية لاستعادة الثقة.
وختمت المصادر متسائلة: لماذا تماطل الدولة في استخدام احتياطي الذهب، فيما الشعب اللبناني هو الأحقّ بالاستفادة من هذه الثروة في ظل الانهيار القائم؟