الرئيس جوزاف عون يُقرِنُ القَسَم بالفعل

6608916_1736428840

كتب أنطوان سلمون : لقد عايش اللبنانيون منذ الاستقلال كثيراً من الرؤساء والشخصيات والزعماء والأحزاب من كل المراتب والمشارب والطوائف والمذاهب،وكثيراً ما صُدموا بما شهدوا عليهم من خيبات وسقطات ومفاجآت بعد ما علقت عليهم من آمال وعلو شاهق من التوقّعات،انطلاقاً من الوعود التي أُغدقت والمطولات والقصائد التي نُظم بعضُها تحت القسم وبعضها أمام الملايين في الساحات وعلى الشاشات.

لم يتأخر اللبنانيون الذين سمعوا الكلام الذي صدر عن الرئيس في خطاب القسم السيادي الواضح الجلي المفرِح والمريح لمَن أراد دائماً للبنان الدولة ريادةً ودوراً لقواها الشرعية وحدها على أراضيها سيادةً، واحتكارها للسلاح فرادةً أن تلمّسوا الترجمة الفعلية للكلام على أرض الواقع بعد أيام قليلة على جلوس الرئيس جوزاف عون على كرسي الرئاسة في بعبدا وانطلاقه في مهامه الدستورية والتنفيذية وخاصة في الاستشارات الملزِمة في تسمية رئيس الحكومة والذي وعد الرئيس عون في خطاب القسم بتحديد موعدها في أقرب وقت فوعدَ ووفى،وعندما حاولت كتلة الوفاء للمقاومة تهديداً وابتزازاً إبطاء زخم وسرعة الاستشارات وتأجيلها، حزمَ الرئيس أمره وأمر الجمهورية مستعملاً صلاحيته بأن رفضَ وفرضَ على الكتلة الحضور التي عادت وغابت عن استشارات التشكيل واضعةً العصي في قافلة العهد التي أكملت مسارها في اكتمال التشكيل وصياغة البيان الوزاري بما لا يلائم رياح المهدّدين والمبتزّين والمتربّصين.

محطة ثانية في سعي رأس الدولة في تنفيذ وتجسيد ما تعهّد به في خطاب القسم  وانطلاقاً من التعهدات بالقرارات الدولية وخاصة ال1701 وممارسة لسلطة الدولة على مرافقها وخصوصاً المطار بإخضاع الطائرات والبعثات والمسافرين والوافدين لتفتيش المؤسسات الرسمية اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني،أثار هذا الإجراء والذي عُمِلَ به في ظل حكومة ميقاتي ورعاية وزير الأشغال التابع للحزب، مَن لا يريد أن تقوم للدولة قائمة ولا لهيبتها قيمة، فحرّك أبواقه الإعلامية والسياسية وجمهوره المنظم من كتيبة الأهالي مستهدفين الدولة ورأسها والحكومة ورئيسها ومعتدين على الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، وكما في الحكومة وتشكيلها وبيانها الوزاري حزمَ الرئيس أمره أمام محاولات زعزعة الاستقرار والنيل من هيبة الدولة وأمن المواطنين، بعد محاولات زعزعة الأمن وهزّ الثقة بالعهد والجيش وضرب هيبته إذ دعا في 17 شباط 2025″ الى عدم التهاون في فرض الأمن، وإعطاء توجيهات صارمة بعدم السماح بإقفال طريق المطار أو التعدّي على الأملاك العامة”…وقرر ،على رغم الاعتراضات في السياسة وفي الشارع، “تمديد تعليق الرحلات الجوية من وإلى إيران “حتى إشعار آخر”…

تجلّى تمسّك الرئيس بدور الدولة الراعية والحامية للمواطنين والحافظة لأمنهم  في يوم تشييع الأمينين نصرالله وصفي الدين إذ وضع الرئيس والأجهزة الرسمية خطة أمنية حالت دون تعكير صفو الأمن على الرغم من الحشود المتوافدة من كل المناطق والتي سلكت كافة الطرقات من دون مشاكل تُذكر.

الحفاظ على السيادة والكرامة الوطنيتين تجلّى في أن قَرَنَ الرئيس عون قسمه بالفعل وبكل جرأة أمام الوفد الايراني بأن أسمعه “سردية” مناقضة لما درجَ على مسؤولي الجمهورية الإسلامية في إيران ومحورها في لبنان أن يسمعوه من لبنان الرسمي أو أن يُسمعوه للبنانيين والعالميَن العربي-الإسلامي والغربي، فلدى استقبال الرئيس في قصر بعبدا رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي، والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني، مع وفد مرافق، وذلك في حضور وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجي،

وجّه عون حديثه للوفد الإيراني: “أوافقكم الرأي بعدم تدخّل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان هي وحدة اللبنانيين”.

كما أكد “حرص لبنان على إقامة أطيب العلاقات مع طهران، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين”، مشيراً إلى أن لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية، معرِباً عن أمله في الوصول إلى حلٍ عادلٍ لها.

ونوّه الرئيس عون بما صدرَ عن قمة الرياض الأخيرة والتي شاركت فيها إيران، لاسيما “تأكيد حل الدولتَين بالنسبة الى القضية الفلسطينية، وعلى أن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين”.

هنا تجسّدَ قَسمُ الرئيس من ناحية الاستقلال والاستقلالية حسب المادة 50 والتي تقول “عندما يقبض رئيس الجمهورية على أزمة الحكم، عليه أن يحلف أمام المجلس، يمين الإخلاص للأمة والدستور بالنص الآتي:

“أحلف بالله العظيم أنني أحترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه”،

كما تجسّدت بقية تعهدات الرئيس و”عهوده” في خطاب القسم تحت تكرار “عهدي أن”…

فالقراءة المتأنية لما صارح به الرئيس  “الايراني” والذي كان حتى الأمس “وصياً” على لبنان بفعل احتلاله بالوكالة،تؤكد أن الرئيس يضع لبنان أولاً في أجندته والعلاقات مع الدول العربية ثانياً واستقلالية الرؤية والرؤيا ثالثاً، فحلُّ الدولتين لم يستسغه المحور الإيراني الممانع يوماً ولم يقبله لا الحزب ولا حماس،والتي شدّد الرئيس في كلمته أمام الإيراني أنها ليست الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني” بل السلطة الفلسطينية انسجاماً مع قرارات الجامعة العربية والإجماع العربي.

إن ممارسة الرئيس في الأسابيع القليلة من  بداية عهده وأيامٍ قليلة على انطلاق حكومة العهد الأولى وقبل نيلها الثقة حتى،أشارت وبشرّت بأن ما قاله الرئيس في خطاب القسم ،مدعوماً ومؤيداً من غالبية اللبنانيين الوطنيين السياديين والدول الفاعلة الراعية العظمى والصغرى الغربية والعربية،هو طريق يسلكه العهد بخطى واثقة والى الأمام وهذا ما أكدّه الرئيس أخيراً في  24 شباط 2025 أمام وفد الرهبانية المارونية بقوله”عازمٌ على تطبيق ما وردَ في خطاب القسم الذي عكسَ معاناة الشعب وطموحه ومتطلباته للعيش عيشة كريمة”.

  إن عزم الرئيس الصادق على تطبيق ما وردَ في خطاب القسم يدفعنا الى التذكير بما ينتظر اللبنانيون في ولاية الرئيس وعلى لسان سيد ا”لعهد”:

…” إذا أردنا أن نبني وطناً علينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون وتحت سقف القضاء حيث لا صيف ولا شتاء على سطح واحد بعد الآن، ولا مافيات أو بؤر أمنية، ولا تهريب أو تبييض أموال أو تجارة مخدرات، ولا تدخّل في القضاء، ولا تدخّل في المخافر، ولا حمايات أو محسوبيات ولا حصانات لمجرم أو فاسد أو مرتكب. العدل هو الفاصل وهو الحصانة الوحيدة بيد كل مواطن وهذا عهدي …

عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلّحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح، دولةٌ تستثمر في جيشها ليضبط الحدود ويساهم في تثبيتها جنوبًا وترسيمها شرقًا وشمالًا وبحرًا ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب ويحفظ وحدة الأراضي اللبنانية ويطبّق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، جيش لديه عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض الحروب وفقًا لأحكام الدستور…

عهدي أن أدعو الى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية، أكرّر الدولة اللبنانية، من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردّ عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية… وأن نتمسّك أيضًا بحق الدولة اللبنانية في ممارسة سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية ومن ضمنها مخيّمات لجوء الأخوة الفلسطينيين والحفاظ على كرامتهم الإنسانية. وأن نمارس سياسة الحياد الإيجابي… لا فضل لطائفة على أخرى ولا ميزة لمواطن على آخر. هذا عهد احترام الدستور وبناء الدولة وتطبيق القوانين، هذا عهد لبنان”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: