الرئيس عون يُعيد رسم ميزان القوة.. الجيش أولاً والقرار واحد

aounnnnn

في تصريحه الأخير بعد التوغل الإسرائيلي في بلدة بليدا الحدودية، أعاد رئيس الجمهورية جوزاف عون رسم موقع الجيش اللبناني في المعادلة الوطنية، حماية الحدود، والتصدي لأي توغّل أو خرق.

للمرة الأولى منذ سنوات، بدا الموقف واضحاً وصريحاً إلى هذا الحد، لا غموض ولا ازدواجية، فالجيش هو المدافع الشرعي عن الأرض، لا الأذرع العسكرية ولا القوى الحزبية التي حاولت، على مدى عقود، احتكار دور "الحماية" واحتضان مفهوم "المقاومة" خارج إطار الدولة.

كلام الرئيس لم يصدر من موقع المراقب أو المتفرّج، بل من رجل يعرف الميدان كما يعرف دهاليز السياسة، فجوزاف عون تكلّم بصفته قائداً سابقاً للجيش، ورئيساً حالياً للجمهورية، أي أنه يجمع بين التجربة العسكرية والدراية الديبلوماسية.

وحين قال "التصدي لأي توغّل"، لم يكن يطلق شعاراً عاماً أو خطاباً تعبوياً، بل يحدّد بدقة وظيفة الجيش ودوره ضمن المنظومة الوطنية والشرعية الدولية.

بهذا السياق، وجّه رسالة مزدوجة، إلى الداخل اللبناني بأن لا سلاح يعلو على سلاح الدولة، وإلى الخارج بأن لبنان لا يزال ملتزماً بقواعد الأمن والاستقرار التي يرعاها المجتمع الدولي.

وفي ظلّ تصاعد التوتر على الحدود الجنوبية، تبرز أهمية "الميكانيزم" التي تنظّم الردود الميدانية بين إسرائيل و"حزب الله" تحت إشراف الأمم المتحدة.

هذه الآلية ليست مجرّد قناة تواصل تقني، بل نظام أمني دقيق يهدف إلى منع الانزلاق إلى مواجهة شاملة، فمن خلالها، يجري التبليغ المسبق عن أي خرق أو إطلاق نار، وتُدار الحوادث الحدودية وفق مرجعية واضحة تحفظ اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري العام 2024، وشكّل منذ ذلك الحين أساساً عملياً لتجنّب التصعيد.

اليوم، وفي ظلّ احتدام الصراع الإقليمي وتبدّل موازين القوى، تبرز أهمية هذه الآلية أكثر من أي وقت مضى كضمانة للاستقرار، وكأداة لحماية لبنان ضمن الشرعية الدولية لا خارجها.

أما الذريعة التي رُدّدت طويلاً تحت عنوان "المقاومة لحماية الحدود من العدوان الإسرائيلي"، فقد سقطت عملياً أمام وقائع الميدان، الجيش اللبناني هو اليوم الجهة الوحيدة التي تتحرك وفق القانون والشرعية، والتي تملك تفويضاً وطنياً ودولياً للدفاع عن الأرض.

ليس فقط لأنه يملك القدرة العسكرية، بل لأنه يتحرك ضمن إطار مؤسساتي، منضبط، وشفاف، ما يجعل كل خطوة من خطواته دفاعاً مشروعاً لا مغامرة سياسية أو طائفية.

موقف الرئيس عون الأخير، إذاً، وضع النقاط على الحروف، وحين قال "مطلوب من الجيش التصدي"، حدّد بوضوح من هي الجهة المخوّلة قانوناً وسيادياً حماية الحدود.

وفي لحظة تتقاطع فيها الأزمات السياسية والأمنية، بدا كلامه أشبه ببيان تأسيسي لمرحلة جديدة، عنوانها استعادة الدولة لدورها، وترسيخ الجيش الذي يظهر تماسكاً لافتاً في صفوفه، وانضباطاً في ممارساته، وتمسكاً باتفاقاته الدولية، كحامي السيادة الوحيد.

بهذا الثبات، يعيد تثبيت صورة لبنان كدولة تحترم التزاماتها وتفرض احترامها، ويذكّر بأن السيادة لا تُصان بالشعارات، بل بالمؤسسات الشرعية التي تبقى فوق كل انتماء أو ولاء.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: