كتب شادي هيلانة في موقع "LebTalks":
لم يعد الحديث عن حصرية السلاح داخل لبنان مجرّد شعار سياسي أو بندًا متكرّرًا في البيانات الوزارية؛ بل بات في صلب التوجّه التنفيذي لحكومةٍ ترى أن هيبة الدولة تبدأ من قدرتها على فرض سيادتها، أولًا على السلاح، وثانيًا على الحدود.
وفي لحظة دقيقة يمرّ بها البلد، أطلق أحد الوزراء البارزين موقفًا لافتًا في تصريح خاص لموقع LebTalks، كشف فيه عن تحوّل جدّي في مقاربة ملفّي السلاح غير الشرعي وضبط الحدود، مشيرًا إلى أن الحكومة تعكف على تنفيذ قرار رسمي يهدف إلى إعادة الأمور إلى نصاب الدولة من دون سواها.
وأكد أن الحكومة اللبنانية بصدد تطبيق قرار صريح بحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الشرعية فقط، موضحًا أن الجهود ستتركّز في المرحلة المقبلة على الحدود الشرقية، التي شكّلت لفترة طويلة ثغرة أمنية مفتوحة على كل الاحتمالات.
ولفت إلى أن هذا التوجّه لن يكون خطوة رمزية، بل انطلاقة لخطة أمنية وميدانية بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، هدفها وضع حدٍّ للفوضى المزمنة في ملف الأمن والسيادة.
وأوضح الوزير ذاته أن الحكومة اللبنانية اتخذت قرارًا حاسمًا لا لبس فيه بشأن احتكار الدولة وحدها للسلاح، وأن هذا القرار سيُنفّذ ضمن خطة شاملة تشرف عليها الجهات الرسمية المختصّة. وقال: "سوف نُطبّق حصرية السلاح بقرار صادر عن الحكومة اللبنانية، التي ستعمد، بالتعاون مع الشركاء، إلى ضبط الحدود، وخاصة الشرقية منها، من أجل بسط السيادة وتثبيت سلطة الدولة الكاملة".
أضاف: "ما نعمل عليه اليوم هو تنفيذ فعلي لمبدأ طال انتظاره، ولم يعد بالإمكان التراجع عنه تحت أي ذريعة أو ظرف سياسي".
كما شدّد على أن الحدود الشرقية ستكون محطّ تركيز المرحلة المقبلة، نظرًا لما تمثّله من ممرّ طالما استُغلّ من قبل مجموعات خارجة عن القانون، سواء في عمليات التهريب أو في نقل السلاح والعناصر المسلحة. ويؤكّد أن الحكومة تعمل على إجراءات ميدانية دقيقة، بالتعاون مع الجهات الأمنية والعسكرية، وبمساندة من بعض الشركاء الدوليين، بهدف فرض الرقابة الكاملة على هذه النقاط الحدودية الحسّاسة. وقال: "نحن لا نطرح شعارات، بل ننفّذ خطة قابلة للقياس والمراجعة. الهدف هو تحويل الحدود إلى مناطق سيطرة كاملة للدولة، لا إلى مساحات رمادية تحت نفوذ قوى خارجة عن الشرعية".
ولم يُخفِ الوزير واقع الشك الشعبي في الوعود الحكومية، لكنه شدّد في المقابل على أن التحرّك هذه المرة مختلف، كونه يستند إلى قرار رسمي مدعوم بإرادة سياسية واضحة. وأضاف: "بسط السيادة لا يكون بالخُطب. نعرف أن اللبنانيين تعبوا من الكلام. المطلوب الآن أفعال تؤكّد أن الدولة لا تزال قادرة على حماية مواطنيها، وضبط أمنها، وفرض سلطتها". وفي هذا السياق، تأتي خطة حصرية السلاح وضبط الحدود كخطوة أولى ضمن خارطة طريق أوسع لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، والتي تضرّرت بفعل تراكم الإخفاقات وتغليب منطق التسويات على سلطة القانون.
في بلدٍ كلبنان، حيث تتشابك الحسابات الداخلية والخارجية، ويُحمّل السلاح أكثر من معنى، يبدو قرار بسط السيادة أشبه باختبار مفتوح لقدرة الدولة على الالتزام بما تعلن. وبين الطموح إلى فرض سلطة القانون، والتحديات التي تفرضها الوقائع على الأرض، يبقى السؤال المركزي: هل ما قيل يُترجم فعلاً إلى أفعال؟ أم أن لبنان أمام جولة جديدة من التمنيات غير المكتملة؟ المرحلة المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.