الصبر الأميركي نفد.. قراءة ديبلوماسيّة في خطاب برّاك!

نقلاً عن مرجع ديبلوماسي مخضرم تحدّث إلى موقع LebTalks، فإنّ المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، توم برّاك، لم يكن في كلمته أمام منتدى حوار المنامة يقدم توصيفاً عابراً لوضع لبنان، بل كان يوجه، على نحو غير مباشر، آخر إنذار سياسي وديبلوماسي إلى الدولة اللبنانية، وربما إلى من يمسكون بخيوط القرار فيها.

فحين قال برّاك إن لبنان دولة فاشلة، والجيش اللبناني يعاني من نقص في الموارد المالية والبشرية، لم يكن يصف واقعاً يعرفه الجميع فحسب، بل كان يهيّئ الأرضية لرسالة أشد قسوة، مفادها أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يعودوا مستعدين لتحمل كلفة انهيار لبنان أو استمرار عزلته.

بالتالي، الحديث عن فشل الدولة لم يأتِ بوصف تقني، بل كعبارة ذات مضمونٍ تحذيري واضح لبيروت، أن الفرص استُنفدت، إما الإصلاح والانفتاح، أو التهميش الكامل.

ويضيف المرجع عينه، النقطة الأبرز في كلام برّاك كانت قوله: "إسرائيل مستعدة للتوصل إلى اتفاق مع لبنان بشأن الحدود، وعلى اللبنانيين اللحاق بركب المفاوضات والحرص على حدودهم"،

فهذه العبارة، تعني أن منطقة الحدود الجنوبية دخلت مرحلة إعادة رسم النفوذ بعد الحرب في غزة، فبرّاك استخدم لغة ديبلوماسية هادئة، لكنّها مشبعة بمعاني الإنذار،ا بكل ما يعنيه ذلك من عزلة سياسية واقتصادية ولا استثمارات او مؤتمرات دعم.

أما  من جهة قوله أنه من غير المعقول ألا يكون هناك حوار بين لبنان وإسرائيل، فهو بمثابة كسر مقصود لخط أحمر لبناني، يشير إلى أن واشنطن بدأت تفقد صبرها حيال الجمود السياسي في بيروت، وتعتبر أن تجاهل المفاوضات مع إسرائيل سواء في شأن الحدود البحرية أو البرية صار موقفاً عبثياً لا يخدم احداً.

ويذهب المرجع أبعد من ذلك، معتبراً أن برّاك يهيئ الأجواء لموقف أميركي أكثر تشدداً تجاه لبنان في المرحلة المقبلة، قد يتمثل في إعادة النظر بالمساعدات العسكرية أو ربط أي دعم مالي أو إنساني بمسارٍ سياسي واضح نحو التسوية،  فالمبعوث الأميركي، تحدث بلسان من يلوح بالعصا، بعد أن استُهلكت لغة الجزرة.

بكلمات أخرى، أراد برّاك أن يُسمِع اللبنانيين والعالم رسالة واحدة: الزمن لم يعد مفتوحاً، والحياد أو الانتظار لم يعد خياراً، من منطلق أن المنطقة تتغير بسرعة، والتسويات تُطبخ على نار هادئة، ومن يتخلف عن اللحاق بها سيجد نفسه خارج الخارطة السياسية والاقتصادية الجديدة للشرق الأوسط.

وختم المرجع الديبلوماسي كلامه بالقول: برّاك لم يهدد علناً، لكنه قال ما يكفي لمن يريد أن يفهم.