في بلد يئنّ تحت أزمات اقتصادية خانقة، انتشرت كثيراً في الآونة الأخيرة أعمال السرقة والنشل، مهدّدةً ما تبقّى من أمان الناس وطمأنينتهم.
من نشل الهواتف والحقائب إلى السطو المسلّح وجرائم "الدم البارد"، تحوّل المجرم أحيانًا إلى "صياد" في غابة الفوض، ويزداد الخطر حين يتنكّر البعض منهم بزيّ عناصر قوى الأمن، مستغلين ثقة المواطنين.
بالأرقام: السرقة بين 2019 و2025
وفي حديث خاصّ إلى موقع "LebTalks"، أعلنت مصادر أمنيّة أنّه "منذ بداية السنة وحتى الآن، سُجّلت 419 عمليّة نشل، وتم توقيف 43 شخصًا متورطًا فيها".
وفي هذا السياق، أكّدت دراسات أنّ جرائم السرقة (بما في ذلك النشل وغيرها) في لبنان، شهدت ارتفاعًا حادًا خلال الذروة الاقتصادية، إذ ارتفعت من 1,314 حالة في 2019 إلى 4,894 في 2021، بزيادة بلغت 266٪ تقريبًا، وسُجّلت سرقات السيارات زيادة بنسبة 212٪. ثم بدأ التراجع تدريجيًا بين 2022 و2023، فهبط إجمالي الجرائم من 5,940 في 2021 إلى 3,152 في 2023، أي بانخفاض نسبته 33.9٪، وانخفضت سرقات السيارات بنسبة 24٪ والسرقات المسلحة بنسبة 52٪.
أما في النصف الأول من 2024، فسُجّلت 2,782 حادثة، وارتفعت في الربع الأول من 2025 إلى 948 مقارنةً بـ889 في الفترة نفسها عام 2024، أي زيادة طفيفة، بينما انخفضت سرقات السيارات من 179 إلى 87، وارتفعت جرائم القتل من 50 إلى 57 والاختطاف من 8 إلى 10.
السارق.. لبنانيّ أم سوريّ؟
تفوّق السوريون بالمشاركة في جرائم السرقة في لبنان خلال السنوات التي سبقت 2023، وفقًا لتصريحات مسؤولين رسميين، فقد صرّح وزير الداخلية السابق بسام المولوي في تشرين الأوّل 2023 أن السوريين يرتكبون أكثر من 30٪ من الجرائم في البلاد.
كما أشار المولوي إلى أنّ حوالي 35٪ من نزلاء السجون اللبنانية ينتمون إلى الجنسية السورية.
أما بيانات 2024–2025 فتشير إلى أنّ جرائم السرقة نفّذها كل من اللبنانيين والسوريين، مع اختلاف التركيز الجغرافي، ففي بيروت وجبل لبنان أُوقف لبنانيون وسوريون متورطون بسرقات سيارات ونقلها، بينما سجّلت محافظة جبل لبنان تصاعدًا ملحوظًا في السلب والسرقات في مناطق مثل الحازمية والأشرفية والضبية.
كيف تتصرّف لتحمي نفسك؟
أكّدت المصادر الأمنية لـ"LebTalks" أنّ "معظم عمليات النشل تتم عادةً بشكل فردي أو مزدوج على الدراجات النارية، وأن الغالبية العظمى من السارقين مدمنو مخدرات، إذ تصبح السرقة الوسيلة الأسرع والأسهل لتأمين حاجاتهم على حساب الأبرياء".
وأشارت إلى أنّ "الضحية الأولى هي النساء"، مشددة على ضرورة الانتباه لطريقة المشي على الطرق، ووضع الحقيبة على الجسم أو في السيارة بطريقة آمنة، مع مراعاة حجمها ومحتوياتها لتقليل فرص التعرض للنشل.
كما نصحت المصادر بـ"عدم وضع كل الأوراق الثبوتية وبطاقات الهوية في الحقيبة يوميًا، والانتباه بشكل خاص للهواتف الخلوية نظرًا لقيمتها العالية". وفي ما يخص النساء، أكدت "ضرورة عدم التحدث على الهاتف أثناء السير والانتباه للدراجات النارية التي يكون على متنها شخصان، كونها وسيلة سهلة للنشل".
وشددت على أنّ "المواطن يجب ألا يكون ضحية سهلة، وأن كل خطوة لتصعيب عمل السارق تقلل من فرص وقوع الجريمة، داعية الجميع إلى اليقظة والحذر في الحياة اليومية."
ويبقى الوضع معقدًا ومتغيرًا، فبينما كانت نسب السرقات لدى اللاجئين السوريين تفوق اللبنانيين منذ بدء الأزمة الاقتصادية حتى عام 2023، تظهر المعطيات الحالية أنّ نسب الجرائم تتفوق في مناطق مثل البقاع وضاحية بيروت ذات الغالبية الشيعية، ما يعكس تأثير الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحلية على انتشار الجريمة بغض النظر عن الجنسية.