الضربة الإسرائيلية لإيران.. مضبوطةٌ على قياسات واشنطن

djkdsyfd

كتب جورج أبو صعب، يمكن القول إن الضربة الإسرائيلية ليل ٢٥ -٢٦ تشرين الأول الجاري لإيران لم تأتِ لإضعاف إيران بقدر ما جاءت لمنع إضعاف حملة الديمقراطيين الانتخابية.

في الواقع والحقيقة أن الضربة سجّلت نجاحاً مزدوجاً: واشنطن نجحت في فرض إيقاعها على الردّ الإسرائيلي، فيما إسرائيل نجحت في عدم التأخر أكثر في ردّها لكن تحت سقف المتطلبات الأميركية.

أما إيران فقد اعتمدت نهج التقليل من وطأة الضربة ونتائجها كمَن يمرّرُ رسالةً مفادها “بأننا نقبلُ بهذا القدر من الردّ شرط عدم المسّ بأهدافنا النووية والنفطية، فأتت الضربات على حدّ تصريحات إسرائيل مقتصرة على الأهداف العسكرية والقواعد الدفاعية في إيران.

من هنا، واستناداً لكافة هذه المعطيات، يمكن استنتاج الآتي:

-اولاً: الضربة الإسرائيلية وإن لم تكن الوحيدة المتوقّعة ربما إلا أنها بالتأكيد ستكون الأخيرة قبل ٥ تشرين الثاني المقبل.

-ثانياً: نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تنفيذ وعده بالردّ من دون إغضاب واشنطن.

-ثالثاً: نجاح واشنطن الديمقراطية في جعل الردّ بحدّه الأدنى منعاً لتوسّع التصعيد الى ما بعد الانتخابات، تماماً كما سبق وذكرنا في مقالاتنا من دون سائر الطلبات.

-رابعاً: إثبات إسرائيل لقدراتها في خرق الأجواء الإيرانية، وبالتالي لا صحة للبروباغندا الإيرانية حول تطوير منظومات دفاعاتها الجوّية بشكلٍ مانعٍ أو كاسرٍ لأي عدوان إسرائيلي.

-خامساً: إمكانية حصول صفقة ما بين واشنطن وتل أبيب وطهران بالقبول بالضربة وعدم الردّ الإيراني عليها في مقابل عدم استهداف النووي والنفط الإيرانيَين، وبخاصة النووي المتروك أمر البتّ فيه الى ما بعد الانتخابات الأميركية.

-سادساً: إيران التي لا تريدُ الحرب حالياً لعدم إضعاف المعسكر الديمقراطي في أميركا خلال الحملة الانتخابية لكمالا هاريس حفاظاً على أوراقها التفاوضية حول النووي والعقوبات لاحقاً مع الإدارة الأميركية الجديدة إن كانت ديمقراطية، وقد تكون إيران قبلت حالياً بجزء من الصفقة التي من ضمنها عدم الاستمرار في ضرب حزب الله في لبنان لأنها تحتاجه في مقابل انسحاب الحزب الى الداخل اللبناني، ما قد يؤدي الى نقل الصراع الداخلي الى مرحلة متقدّمة من الخطورة كما قد يؤدي الى ضرب العمق اللبناني.

-سابعاً: الضربة الإسرائيلية أراحت الإيرانيين الذين عاشوا هواجس ردٍّ إسرائيلي مزلزلٍ وعِدوا به إلا أنهم قبلوا بالضربات الأخيرة والتي جاءت ما دون تلك الهواجس مع ما يعنيه لاحقاً من توظيف لتلك الإراحة سياسياً من قبل واشنطن أولاً.

-ثامناً: واشنطن لا تزال قائدة اللعبة في المنطقة الى حدٍّ كبير وهي لا تستطيع فصل نفسها عن تل أبيب وقد حققت مكاسب سياسية وديبلوماسية الآن في إدارة الضربة الأخيرة، في وقت لا تريدُ ايران توسيع المواجهة مع إسرائيل لعدم الوقوع في فخّ نتنياهو القاضي بجرّ واشنطن الى المواجهة، وهي تريدها وتحتاجها لصفقات خاصة اذا انتصرت كمالا هاريس، فواشنطن حقّقت ما تريد  لعدم التورّط ضد إيران،

فهل تذهب طهران الى الطلب من حزب الله الانسحاب الى ما وراء الليطاني لإعادة تنظيمه؟

-تاسعاً: من هنا فإن حزب الله قد ينسحبُ من الجنوب اللبناني الى الداخل تنفيذاً للقرار ١٧٠١ لكن بشروط إسرائيل وبما يخدم إيران لإعادة تنظيمه وتنظيم دوره، ليس فقط كحزبٍ لبناني بل وبخاصةٍ إقليمي طالما بقي هذا الحزب الخط الأمامي للسياسة الإقليمية لإيران والعلاقة عقائدية وهو غير منفصلٍ عن إيران عقائدياً وسياسياً.

واشنطن الديمقراطية حقّقت نجاحاً ديبلوماسياً وسياسياً واضحاً هذه المرة، لكن يبقى القرار الاستراتيجي بيد بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرّفة ولبنان إحد أبرز أوراق الصفقة المحتملة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: