بعد توسع الحرب بين اسرائيل وحزب الله والتي وصلت معاركها الى ضاحية بيروت الجنوبية وآخرها اغتيال الامين العام للحزب حسن نصرالله، بدأت اسرائيل بما اسمته التوغل البري على الحدود وتصدت لها عناصر حزب الله واوقعت عدداً من افراد جيشها بين قتيل وجريح.
متخصص في الأمن القومي ودراسات الحرب والاستراتيجيا العميد المتقاعد يعرب صخر يشير عبر “LebTalks” الى ان “هذه الحرب البريّة أو أحد أشكال الحرب البريّة، أي انّ إسرائيل تضع نصب أعيُنها هدفاً واحداً وهو خلق منطقة آمنة بالحدّ الفاصل ما بين لبنان وإسرائيل، لأنّ الاستيراتجيّة الكُبرى بالنّسبة إليها هي إعادة المستوطنين الى الشمال، وهذا ما يُردّده يوميّاً رئيس الوزراء الاسرائيليّ بنيامين نتنياهو، ولهذا الهدف مهدّت قبل هذه العملية البريّة، من خلال ضربها منظومة حزب الله القياديّة والعسكريّة والميدانيّة والمعنويّة – وهي الأهمّ لإفقاد الثقة – والتنظيميّة والتوجيهيّة والدينيّة ونحن نرى كلّ يوم اصطياد رأس من الدّرجة الثالثة والثانية وصولاً الى الأولى وحلقة العليا وهي حلقة صُنع القرار وصولاً إلى الرأس الأعلى الذي يُشكّل ميزةً أَو رميزيّة كُبرى في كافّة المحور الايرانيّ”.
ويتابع: “اذاً، هذه الضّربة ليست فقط لحزب الله بل لكافة المحور، لذا رأينا أنّ إيران قامت باستعراضٍ فقط لإثبات وجود، ولمحاولة إعادة بثّ الثقة والمعنويات لمحورها”.
بالعودة الى الساحة الداخلية، يعتبر صخر ان “حزب الله يُحاول بقدر المكان استعادة توزانه بعد كلّ ما حصل، استعادة الثّقة أيضاً، وما أمامه سوى آخر سلاح وهو سلاح الأفراد الّذين يُحاربون على الأرض. فكلّ ما كان يتحدّث عنه من قدرة وميزان رعبٍ، تبيّن أنّه فُقاعات هواء وتبيّن أيضاً أنّ غزّة الّتي لا تُوازي 10% من قدرة حزب الله استمرّت 11 شهراً ولا تزال حتى اليوم، وكيف أنّ قوّة حزب الله خلال 10 أيّام تقريباً، تفكّكت وتخلخلت بحدود 60-70% تقريباً ولم تصل الى حالة الانهيار”.
ويردف: “ما تبقّى هو سلاح المعارك على الأرض لأنّ إسرائيل عندما تُريد أن تكون موجودةً على الأرض، لا يعود هناك سلاح جوّ أو سلاح مدفعيّ يساندها أو يدعمها، لأنّه سوف يضرب الطرفَين: الصديق والعدوّ”.
“إذًا، الاسناد والمساندة سيتوقّفان، ويتحول الميزان على الأرض. ففي الحرب البريّة، كلّ جيش وليس فقط الجيش الإسرائيليّ، سيتعرض لخسائر، ولكن عندما تتعدّى الخسائر الـ10% عندها تتراجع، وتُعيد حساباتها وهذا لا يدلّ على أنّ المعركة انتهت، بل إنّ هناك اموراً محسوبة وخسائر محسوبة، ولكن إسرائيل أخذت الدرس من العام 2006 وتتقدّم ببطء حتّى تستطلع الأنفاق والدهاليز وتدمّرها وحتّى تقطع الطريق على فرقة الرّضوان المحترفة في التسلل والاشتباك المتقارب مع العدوّ.
هذا القتال يُسمّى إذاً بالقتال المتقارب على الارض ونوعيّة المقاتل هي التي تُحدّد المعيار. لكن التجهيزات العسكرية الميكانيكية والمدرعة والمؤلّلة وكثافة العناصر التي وصلت إلى قرابة الـ25 ألفاً على الحدود اللبنانيّة يتقدّمون شيئاً فشيئاً، يُريدونَ خلق بُقعة آمنة في جنوب لبنان لا نعرف عمقها، ولكن من المرجّح ان تكون قد وصلت حتى الآن إلى حدود الـ5 كيلومتر وهي بقعة مطّاطة تتقلّص وتتمدّد”.
ويختم العميد المتقاعد: “ولكن الاكيد أنّ حزب الله بما تبقّى عنده، سيستشرس ويُبرهن انه لا يزالُ موجودًا، وهناك محاولة لاستعادة المعنويات والثقة.
ولكن الامور تُقرأ في نهاياتها وطبعاً البدايات هكذا ستكون، واسرائيل تتعلّم من أخطائها وتُصوّب مسارها، والظّاهر أنّه عندما يصل حزب الله الى مرحلة الالهاك، وهذا ما تُعوّل عليه اسرائيل.
إسرائيل اليوم تأخذ وقتها لم يعُد عندها عقيدة الحروب الخاطفة كما في الماضي، إنّما اليوم هناك عقدة وجود وأمن إسرائيل، وصارت العقيدة عندها هي الآتية: مهما طال الزمن ستُحارب ليس فقط حزب الله بل كل المحور الإيرانيّ، وحجّمته واستطاعت تحقيق انجازات كبيرة”.