العناد في “الاسناد”: أين مصلحة البلاد؟

jnoubdamar

منذ 8 تشرين الأول 2023 يكاد لا يمر يوم الا وتتصارع تصاريح مسؤولي محور الممانعة وعلى رأسهم مسؤولي الحزب متناقضة متضاربة داحضة بعضها لبعض عن حقيقة ما يجري على الجبهة الجنوبية اللبنانية وأسبابها وأهدافها إلا أن الثابت فيها وغير المتغير هو استمرارها بتصاعد وبتفاقم ملحوظَين.

لم تتبدّل سردية المحور عن ضرورة الإسناد والأشغال للتخفيف عن غزة ومساعدة الحليفة حماس على إكمال انتصارها المبين الذي بدأ بـ”الطوفان” في 7 تشرين الأول 2023 ولم ينته بعد في آخر معاقل غزة الفلسطينية الحمساوية في رفح، كما لم تتبدل سردية المحور عن تلقين العدو على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية دروساً موجعة منذ 8 تشرين الاول 2023 وحتى الساعة والتي ترافقت مع تدمير ممنهج للمنازل والمباني وحرق متعمد للأراضي المزروعة والمساحات الحرجية وقتل مركز للكوادر والعناصر وعشوائي للمدنيين من نساء وشيوخ وأطفال.

في المتغيرات السردية يتحاجج الممانعون ويخونون الاخصام المعارضين لـ”حرب الإسناد” من مواطنين شركاء من كل الطوائف ومقامات حزبية سياسية ودينية تحت “سردية” أن اسرائيل هي العدو والمعتدي الدائم على لبنان وهي التي تخرق الحدود والقرار 1701 منذ آب 2006 وحتى الثامن من تشرين الاول 2023 بآلاف الخروقات برّاً بحراً وجواً، مع العلم بأن الحزب والأحزاب والشخصيات الملحقة به والملتحقة به حديثاً لم تقم بأي خطوة عسكرية سياسية أو حتى بلدية شعبية أهلية لوقف تلك الخروقات أو لردعها، خلاف الحماس الذي بلغ أقصاه بإشعال الجبهة والجنوب والبلاد خدمة لحماس.

 إذاً لم تكن الخروقات والاعتداءات الاسرائيلية سبباً أو دافعاً للحزب لإشعال الجبهة حمايةً للبنان كما لم يكن ارتقاء شهدائه دفاعاً عن الجنوب كما لم يكن وقف هذه الخروقات وتلك الاعتداءات شرطاً لوقف النار بل إن وقفه في غزة هو الشرط الوحيد اليتيم لوقف اتون النار والدم الذي يسميه الحزب “اسناداً” من لبنان.

هنا من المفيد أن نقرأ ما ورد على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم والذي أوردته وكالة اسوشيتد برس في 2 تموز 2024 اذ يؤكد على “غزة وحماس أولا” بقوله: “إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، فسوف نتوقف من دون أي نقاش وإن مشاركة الحزب بـ”الحرب” كانت بمثابة “جبهة دعم” لـ”حماس” إذا توقفت الحرب فإن هذا الدعم العسكري لن يكون موجوداً”.

وعن كلفة تلك المشاركة على اللبنانيين يقرّ قاسم بقوله: “يمكن لإسرائيل أن تقرر ما تريد: حرب محدودة، حرب شاملة، حرب جزئية”. بعكس ما ورد على نفس اللسان  في التصريح للوكالة الدولية: “لا اعتقد أن إسرائيل لديها القدرة أو أنها اتخذت قراراً بشن حرب في الوقت الحاضر”.

لم يشذّ نائب أمين عام الحزب عن الثابتة البعيدة عن كل ما هو لبناني في الحرب التي يخوضها على الأرض اللبنانية بدماء وممتلكات واقتصاد واستقرار وآمان اللبنانيين بقرار إقليمي إيراني بتحريك أذرعته في المنطقة بغية حجز مقعد ودور له في مفاوضات وصفقات المنطقة مع الاعداء المفترضين لتقاسم جبنة نتائج الحرب في غزة ولبنان على حساب الفلسطينيين واللبنانيين،كما لم يشذ نائب الأمين العام في أولويات المعركة الدائرة عن ما كان “أفتاه” و”عمّمه” تحت عمامته الأمين العام في الحزب السيد حسن نصرالله تاريخ 25 تشرين الأول 2024  في “اعتماد تسمية الشهداء الذين ارتقوا من 7 تشرين الأول بالشهداء على طريق القدس”.

كثيرة هي المرات مع اختلاف البلدان التي كان الحزب فيها جزءاً من جبهات اسناد  بعيدة جغرافياً وتاريخياً ووطنياً ومصلحياً عن لبنان خدمة لمشاريع ما وراء الحدود وخلف البحار من البوسنة الى سوريا العراق واليمن والسعودية والكويت والبحرين والامارات وغيرها من التورط المفيد لايران والمضر بلبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات.

ربّ معتقد بأن المساندات هي ظرفية ومتغيرة إلا أن بيان تأسيس الحزب في 16 شباط 1985 يؤكد ثبات وديمومة الحزب في عقيدته المصدّرة من إيران والتي هي فوق الأوطان ومنها لبنان والتي يصدرها الحزب بدوره من دون أن يكون للبنان الرسمي او الشعبي دور او مصلحة، ومن البيان- الرسالة والذي ما زال الحزب يسير بهديِه نقرأ لنفهم: “نحن في لبنان لسنا حزباً تنظيميّاً مغلقاً، ولسنا اطاراً سياسياً ضيّقاً، بل نحن أمة ترتبط مع المسلمين في كافة أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الاسلام. ومن هنا فإن ما يصيب المسلمين في افغانستان او العراق او الفيليبين او غيرها انما يصيب جسم أمتنا الاسلامية التي نحن جزء لا يتجزأ منها ونتحرك لمواجهته انطلاقاً من واجب شرعي اساساً وفي ضوء تصور سياسي عام تقرره ولاية الفقيه القائد.”

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: