القرار الأخير.. مشاركة المغتربين أم رصاصة الانفجار؟

inti5abet mi8tirbeen

الأسبوع المقبل قد يكون الفاصل في مسار لبنان السياسي، إذ تتجه الأنظار إلى اجتماع اللجنة المشتركة بين الوزيرين أحمد الحجار ويوسف رجي، لبحث الفصل الحادي عشر من القانون الحالي. اجتماعٌ لن يكون عادياً، بل اختبار حقيقي لنوايا الإصلاح أو بداية تبريرٍ للإقصاء، فإما أن ينتصر المشروع الموحّد للتمثيل والمشاركة، أو يُفتح الباب أمام أزمة جديدة تُقصي المغتربين عن حقهم الطبيعي في صنع القرار الوطني، وفي حال فشل التصويت أو تعطيله، فإن المسؤولية السياسية والأخلاقية ستقع على من امتنع عن إنصاف اللبنانيين المنتشرين في أصقاع الأرض.

في السياق عينه، ذكّر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بأن لبنان في حاجة إلى إيمان وطني صلب يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة، مؤكداً أن المغترب اللبناني ليس مواطناً من درجة ثانية، هم من حملوا صورة لبنان في أحلك الظروف، وساهموا في إنعاش اقتصاده وإنسانيته، فكيف يُكافأون بتقليص تمثيلهم إلى ستة مقاعد فقط؟ خطوة تُعد انحرافاً عن مبدأ المساواة والمواطنة الذي يصونه الدستور.

على الصعيد الخارجي، تشهد الساحة تحركات ديبلوماسية متسارعة،  فقد بحث رئيس الحكومة نواف سلام في القاهرة مع القيادة المصرية سبل تثبيت الاستقرار بعد اتفاق غزة، وتؤكد القاهرة، من جهتها، حرصها على دعم سيادة لبنان ووحدته، ودفعها نحو تنفيذ بنود شرم الشيخ وتوفير بيئة ملائمة لإعادة إعمار غزة ما يفتح أمام بيروت نافذة لتفعيل حضورها الإقليمي والاستفادة من مناخ الانفتاح العربي. بينما عقد وزير الداخلية أحمد الحجار لقاءً في البحرين مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، لبحث التعاون الأمني والسياسي الإقليمي.

ميدانياً، عاد التوتر إلى الواجهة الجنوبية مع اغتيال عدد من عناصر "قوة الرضوان" في النبطية، بينهم مسؤول لوجستي بارز،  أعادت الحادثة سيناريو الردود والاحتكاك إلى دائرة الاحتمال، وسط مخاوف من تحوّل الضربات الموضعية إلى تصعيد أوسع، سواء من الجانب الإسرائيلي أو من حزب الله، خصوصاً إذا استُغلت الظروف لإعادة رسم قواعد الاشتباك أو فرض واقعٍ ميداني جديد.

حتى الساعة، يلتزم الحزب بضبط النفس، مفوّضاً الحكومة اللبنانية مهمة الدفاع عن الحدود واستعادة الأسرى، إلا أن احتمال مغامرة عسكرية عبثية أو ميدانية يبقى قائماً، والتهديد بصواريخ متوسطة وبعيدة المدى يظل في إطار الردع النظري، طالما أن قرار التصعيد لا يزال مرهوناً بالعوامل الإقليمية وتوقيت طهران، ما يجعل المشهد أكثر حساسية وتعقيداً.

إذاً، يتضح أن لبنان اليوم يقف على مفترق دقيق، حيث تتقاطع المسارات السياسية والدبلوماسية والعسكرية في توازن هش، قد تُظهر الأيام المقبلة مدى صلابته أو هشاشته، فخيارات النواب والحكومة، ومعها المواقف الإقليمية والدولية، ستكون الفيصل في تحديد الاتجاه، نحو مشاركة أوسع ومخرج سياسي واقعي يُعيد التوازن إلى المشهد، أو نحو سنكون حرجة تُزج بالبلاد مجدداً في دوامة الصراع والاشتعال.

وعليه، تبدو المسؤولية هذه المرة أثقل من أي وقت مضى، فصوت القرار اليوم ليس مجرد موقف عابر، بل خيار يحدد مصير وطن بأكمله، لذلك، على من يملك الكلمة أن ينطقها بعين لبنان، لا بعدسة الحسابات الضيقة ولا بميزان اللحظة العابرة، لأن المستقبل لا يُبنى بالصدفة، بل بالوعي والجرأة والنية الصادقة في إنقاذ ما تبقّى.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: