فُضحت عصابة الـ”تيك توك” وانكشف المستور، وبذلك بدأت جرائم كواليس التطبيق تنكشف واحدةً تلوَ الأخرى، إذ تبيّن أن هذه “العصابة الممنهجة” ليست إلا جبل جليد أعلاه ظاهر وقاعه غائر. و”على عينك يا تاجر”، اتّضح أن رأس العصابة بول المعوشي الملقّب بـ”Jay” الموجود حالياً في الأراضي السويدية، هو أيضاً أحد المشغلين الأساسيين لمواقع القمار غير الشرعي من خارج لبنان، بالإضافة إلى أنه متّهم بتصوير ضحايا “سلسلة التيكتوكرز” وبيع صورهم عبر الـ”Dark Web” كوسيلة لتبييض الأموال.
وكالعادة، نجد أن اللبنانيين يهتمون وينشغلون بالفضيحة فور انكشافها، في حين أنهم لا يُبالون بما وراءها أو بعدها، إذ إن تطبيق “تيك توك” أصبح مسرحاً لأشنع الجرائم وأفظعها، والمراهقين “عم ياكلوا الضرب”.
تحرُّش واغتصاب، مخدرات وإتجار بالبشر، وتبييض أموال… ووفق قاعدة “اعطيني لأعطيك”، وفي حين أن لا شيء بالمجان في عالم الـ”تيك توك”، يغسل “نافذون” وغيرهم قذاراتهم من خلال تقنية الدعم المالي عبر الـ”لايف” لتمرير صفقاتهم وجمع ثرواتهم.
“خرزة زرقة”، “هدية قلب”، “هدية مرح”، وغيرها من أيقونات البث المباشر؛ و”هيك بيركب “DEAL”.
لطالما أثارت المبالغ “الطائلة” التي تُدفع للمستخدمين عبر الـ”لايف” حشرية الناس، حول كيفية الحصول عليها أو كيفية الوصول إلى داعمين، سائلين أنفسهم عن السبب الذي يدفع ممولين كبار لدعم حسابات بعض الـ”تيكتوكرز”، إلا أنهم غاشمون عن الاتفاقات المسبقة التي تحدث بين الأطراف عبر صفقة مبطنة، فحواها تبييض الأموال وتقاسم الأرباح، ما يعني، وعلى عكس ما كان يفتكره معظم المراهقين، “مش الداعم كريم والمستخدم بيستاهل”.
تتمّ عمليات غسيل الأموال على غرار عمليات عصابة الـ”تيكتوكرز” الممنهجة، أي بسلاسة وبسرية، بحيث أنه بعد تقديم الدعم عبر التطبيق، تذهب حوالي 10% من الأموال إلى شركة تحويل غير مرخصة. وبعد سلسة من التحويلات والمبادلات، يتبقى حوالي 40% ربح للمستخدم، لكنه “ما بيتهنى فيُن”، إذ يتقاسمهم بالتساوي مع مبيّض الأموال، أي “20 بـ20”.
وتجدر الإشارة إلى أنه غالباً ما يكون مبيّضو الأموال، مهرّبي مخدرات أو رؤساء عصابات وشبكات دعارة، لذلك “المزح” معهم والطعن بهم ليس بالأمر السهل، فلا يُمكن “التزاكي” معهم، بحيث يُلاحق المغدور الغدّار، فيُغلق له حساباته كافة.
“حمّص بطحينة على فتوش متبل”، بهذه العبارة وصف مستشار الأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات رولان أبي نجم، “عمل” العصابات عبر “تيك توك” والتطبيقات المشابهة، مشيراً إلى أن “عصابة التحرش التي بدأت تتفكفك سلسلتها، ليست الأولو ولن تكون الأخيرة، بحيث هي واحدة من أصل 5000 أخرى”.
ويلفت إلى أن “موضوع تشديد الرقابة على التطبيق ليس بهذه السهولة”، إذ إن هذه العصابات عادة ما تلجأ لاستخدام خاصية VPN التي تعيق تحديد إحداثيات الموقع وتظهر عنوانه خارج لبنان، معتبراً أنه “يمكن حظر هذه الخاصيات، لكن من الصعب شملها كلها، بحيث يوجد عدد كبير من الشركات التي تؤمن هذه الخاصية”.
ويرى أبي نجم أن “ملاحقة العصابات كافة عبر تيك توك ليس بالأمر السهل، إذ إنه لا يتعلق فقط بالتقنيات”، معرباً عن أن “المطالبات بحظر التطبيقات هي مطالبات فارغة، كما لا يجب حظره بحيث يمكن أن يُشكّل الحظر مشاكل دبلوماسية والسياسية تؤثّر على لبنان”.
ويُتابع ساخراً، “تمكّن Jay، رأس عصابة التحرش، من تحويل أكثر من 100 ألف دولار إلى لبنان من خلال البث المباشر عبر تيك توك، ولم يتمكن أحد من كشفه إلى أن حدثت المشاكل بين أفراد العصابة، فبدأت الفضائح تنكشف واحدو تلو الأخرى”.
“الناس همها المصارري ولا يُهمها كيفية تحويلها كيف بتكون”. يتطرّق أبي نجم إلى أن “عمليات غسيل الأموال كافة، تمّت خلال اللايفات، بلا علم مستخدمي التطبيق، باستثناء البعض الذي يُشكّل في الأساس جزءاً من السلسلة”.
ويدعو الناس عموماً والمستخدمين لمثل هذه التطبيقات خصوصاً إلى أن “يتحلوا بالوعي ليتجنبوا استدراجهم، كما حدث مع القُصّر في ما يخصّ التحرش”.
اليوم تحرّش وتبييض أموال، ومن يعلم ما هو المستور؟ فكم عصابات ستنكشف بعد، وكم ضحية ستسقط؟ المسؤولية تقع على عاتق الدولة أولاً، لتباشر بإجراءات حادة لتشديد الرقابة عبر هذه التطبيقات، وعلى الأهل والناس ثانياً، ليتحلو بالوعي الكافي لكي لا يقع في فخّ “الفخفخة”.