تضج وسائل الإعلام العالمية منذ ايام بخبر انعقاد اول جولة تفاوض بين واشنطن وطهران في سلطنة عمان وانعقاد الجولة الثانية السبت المقبل.
الحقيقة أن الاعلام العربي لا يزال قاصراً في نقل حقيقة موضوع الملف النووي الايراني في حين تجهد القنوات الإعلامية الدولية في رسم الصور والمشهدية التي تخفي الحقائق الكامنة في الخفاء وفي الوقائع الجيوسياسية.
ونلقي الضؤ على حقائق يسعى الاعلام العالمي لإخفائها عن الرأي العام فضلاً عن إعطاء تصورنا العربي للدخول في برنامج نووي ديبلوماسي وسياسي الاهداف لكن بعد استعراض الحقائق الخبيثة في ما يهول به على انه برنامج نووي إيراني.
الحقيقة الاولى: أن إيران لن تصنع القنبلة النووية وقد وصلت إلى درجة تخصيب ٨٠./. ما يمكنها من انتاج القنبلة إلا أنها لن تنتجها لأن أي انتاج لقنبلة نووية يحتاج إلى اجراء تجارب نووية اي تفجيرات نووية الأمر، الذي ليس على اجندة الإيرانيين فالنووي الذي يريدونه دفاعي إذا ولا بد لا هجومي والخبراء يعلمون الفرق بين القنبلة الهجومية والقنبلة الدفاعية.
الحقيقة الثانية: أن لا ايران ولا إسرائيل أجريا أي تجربة نووية حتى الان وبالتالي ما ترمي إليه إسرائيل من ايران هو احتفاظها بنوع من التفوق النووي في المنطقة بحيث لا يسمح لإيران بمزاحمتها نووياً، ما عدا ذلك لا عداء ولا خلاف بين طهران وتل ابيب.
وللتذكير فقط كل الفضائيات الإيرانية تبث عبر الأقمار الصناعية الاسرائيلية كما ان عشرات الشركات التجارية بنت مصالح متبادلة بين البلدين.
إسرائيل ضربت ايران عدة مرات في سوريا لكن ايران لم ترد وصولاً إلى ردها على تفجير مقرها الديبلوماسي في دمشق الفولكلوري بقصفها الواهم لإسرائيل بصواريخ لم تقتل اسرائيلي واحد وكانت بموافقة الغرب وإسرائيل.
وعندما ضربت إسرائيل العمق الإيراني مستهدفة علماء في الملف النووي الإيراني او مواقع ذات صلة بالبرنامج النووي لم ترد طهران تماشياً مع خطة التواطؤ الايراني مع الغرب المبنية في احدى أهم بنودها على عدم الرد على إسرائيل في مقابل إطلاق يد طهران في الإمعان بتخريب الدول العربية.
الحقيقة الثالثة: ان الغرب تواطأ مع ايران لمكافأتها على الدور التخريبي الذي قامت به في المنطقة وفي دول عربية عدة ومنها لبنان وقد صمت الغرب لسنوات امام غطرسة الايرانيين في المنطقة بموافقة الولايات المتحدة الاميركية التي كان لها مصلحة كبرى في اضعاف العالمين العربي والإسلامي.
الحقيقة الرابعة: ان الرئيس دونالد ترامب واثناء فترة ولايته الاولى عندما ألغى الاتفاق النووي في العام ٢٠١٥ انصب اهتمام الغرب على ايجاد “نتؤات” في الاتفاق الملغى لرفع العقوبات عن ايران ولو حزئياً عن طهران.
الحقيقة الخامسة: ان الإيراني لا يزال يكذب ويناور في رفضه التفاوض المباشر مع الاميركي وكل ما عداها من اخبار حول تبادل رسائل بين الطرفين ومع الوسيط العماني والآخر الإماراتي كذب ومناورات.
الحقيقة السادسة: ايران فاوضت الغرب لسنوات على دورها في المنطقة تحت عنوان الملف النووي كعنوان للتمويه والتعمية فيما الحقيقة ان طهران كانت تفاوض على مصير الدول العربية التي تحتلها، ومن هنا فان العرب الذين يخشون العدوان الايراني أصيبوا بهلع نتيجة اعتبار الدور الإيراني المضخم من الغرب تهديداً لأمنهم القومي من خلال تثبيت نفوذ طهران في المنطقة العربية وتوسعه.
وفي هذا السياق لا نرى داعياً للقلق العربي من القنبلة النووية الإيرانية إذا ما أنتجت لكونه قنبلة للدفاع عن نفسها لا لتهديد جيرانها بينما في المقابل نرى لزوماً ان تعمد الدول العربية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية إلى امتلاك برنامجها النووي الخاص ايضاً وصولاً إلى امتلاك القنبلة النووية العربية التي تشمل ضمانة كبيرة في الموازنة بين القنبلة الاسرائيلية والقنبلة الايرانية.
من هنا قد يكون من مصلحة العرب ان تتوصل إيران لإنتاج القنبلة كي يكون امام العرب الحجة الكافية للشروع في انتاج القنبلة المقابلة، وبإنتاج القنبلة النووية العربية يصبح بالامكان تحقيق السلام العادل والمتوازن في المنطقة.
الخروج من التضليل والتعمية حول حقيقة البرنامج النووي الإيراني وخطورته وحول ما يحصل من سيناريو مفاوضات نووية بين الولايات المتحدة الاميركية وايران بداية قد تكون مناسبة لبناء النووي العربي ليس انطلاقاً من الخوف والتحسب بل انطلاقاً من ضرورة اشغال المقعد النووي الشاغر في المنطقة ونزع ورقة التهويل من ايادي القوى الدولية والاقليمية الممعنة في ذر الرماد في عيون الرأي العام.