كتب أنطوان سلمون
لم يختلف اداء الممانعة امام “مشكلة النزوح”- والتي أجمع اللبنانيون على انها “أزمة وجودية” باستثناء الحزب اذ يقول أمينه العام نصرالله مستخفا في 2 تشرين الأول 2023:“البعض يرى فيه أنه تهديد وجودي وأمني للبنان”- عن أدائها امام المشكلة السيادية الكبرى اي سلاح الحزب او ما سميّت تلطيفا وتحويرا في جلسات الحوار الثلاث والثلاثين من 2 آذار من العام 2006 وحتى اعلان بعبدا في 26 حزيران 2012 “بالاستراتيجية الدفاعية”
لضرورة البحث في موضوع النزوح المستفحلة أزمةً وجودية أمنية وديموغرافية خطيرة نكتفي بسرد وتوثيق ما خبرناه من معالجة الحزب والتزاماته بحل أزمة ومشكلة “سلاحه” والتي لا تقل خطورة عن أزمة النزوح لا بل تعتبر من أهم أسبابها ومسبباتها وحتى نتائجها الكارثية على الوطن كل الوطن والمواطنين كل المواطنين لنقيس عليها معالجته المماثلة لأزمة ومشكلة النازحين السوريين.
قبل شهر من اول جلسة حوار ورد في ورقة التفاهم بين الحزب والتيار الوطني الحر في 6 شباط 2006 في بندها العاشر:”ان السلاح يبقى وسيلة مقدّسة”
بعد انعقاد جلسات الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية والتي يعنى بها “السلاح” توالت تصريحات وتطمينات مسؤولي الحزب وحلفائه الملتزمة بالرد على هواجس ومخاوف اللبنانيين ففي 12أيلول 2006 أكد علي عمار: ان سلاح الحزب “مثل القرآن والانجيل” وهو “باق باق باق”. وقال ردا على من يدعون الى تسليم هذا للسلاح للدولة: “ليس امامكم الا احذية اطفال قانا للتفاوض على السلاح!…وفي 18 شباط 2007 قال المسؤول السياسي لمنطقة الجنوب في “الحزب” الشيخ حسن عز الدين في كلمة القاها في احتفال في بلدة صريفا في الجنوب ان “وظيفة سلاح المقاومة ومهامه لم تنته بعد وهو باق ومستمر رغم ما يتحدث به البعض في خطابهم السياسي للنيل من هذا السلاح””…في 3 آب 2007 قبل أقل من عام على 7 آيار 2008 قال حسن نصرالله: “سلاح المقاومة لن يستخدم في الداخل”وفي 16 كانون الأول 2009 طمأن العماد ميشال عون اللبنانيين قائلا : “سلاح حزب الله باق الى حين عودة الفلسطينيين من لبنان لاراضيهم” وفي 8 آذار 2010 قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم انه” لا يوجد نقاش على طاولة الحوار اسمه السلاح، فالسلاح نتيجة للاستراتيجية الدفاعية وليس هو الأصل، ولا يوجد على طاولة الحوار محاولة لإسقاط قوة لبنان وفي 23 أيار 2012 كرر قاسم: سلاح المقاومة باق ما دامت “إسرائيل” موجودة”
بعد ان حدد الرئيس العماد ميشال سليمان موعداً لجلسة الحوار في 11 حزيران 2012، دعا أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في تصريح له في 1 حزيران الى تعديل وظيفة الحوار الاساسية، أي بحث سلاح حزب الله، واستبداله باقتراح اقامة مؤتمر تأسيسي وطني للبحث في الدستور اللبناني”.وفي 3 تموز 2012 قال أحمد جبريل: “نصر الله أبلغني أن سلاح المقاومة سيدافع عن النظام السوري” وفي 18 تموز 2012 قال مسؤول منطقة البقاع في “حزب الله” محمد ياغي “نطمئن كل من يتحدث سرا وعلانية عن نزع سلاح المقاومة أن هذا السلاح باق حتى تحرير الارض …يراد لهذا السلاح ان يلقى جانبا والعدو ما زال يحتل جزءا من أرضنا ويحتل مقدساتنا ،واهم من يظن ان السلاح سيأتي يوم ونلقيه وهناك احتلال إسرائيلي، فعندما نقول أننا لن نلقي السلاح ذلك لأن لدينا هدف استراتيجي وهو تحرير الأرض”(لم يحدد أي أرض!!)وفي 24 تموز 2012 قال حسن فضل الله: “هم (قوى 14 آذار) يتحدثون عن السلاح، ويقولون إنهم في حال لم يناقشوه، فلا جدوى من الحوار. لكن هدفهم هو إسقاط الحكومة” التي يملك حزب الله وحلفاؤه الأكثرية فيها…نذهب إلى الحوار بكل إيجابية وانفتاح لمناقشة بند الاستراتيجية الدفاعية، لكننا لا نحاور حول سلاح المقاومة، فهذا السلاح جزء من معادلة وطنية، والاستراتيجية الدفاعية تعني الاستفادة من كل مقومات القوة للبنان” في مواجهة إسرائيل” وفي 4 تشرين الثاني 2012 قال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين: “إن المقاومة لم تقبل في السابق أن تتخلى عن قوتها وقدرتها وسلاحها أو أن يناقشها أحد في ذلك، أما اليوم فإن الحفاظ على سلاحها وقوتها هو واجب من أوجب الواجبات الوطنية والانسانية والاخلاقية، لأننا نواجه عدوا شرسا ومؤامرات على امتداد وطننا وأمتنا، كيف يخطر ببال أحد في لبنان ان يتخيل ان خطاب الهجوم على هذا السلاح يمكن ان ينفع في حين أنه لم ينفع في الماضي ولن ينفع في هذه الأيام او في المستقبل” وفي 21 تشرين الثاني 2012 قال النائب نوّار الساحلي”إننا ندعو هؤلاء لأن يكفوا عن الكلام عن المقاومة وسلاحها لأن هذا الموضوع أكبر منهم ولن ينتهي معهم وهو باق طالما أن هناك احتلال وطالما أن هناك دولة اسمها اسرائيل”
مما سبق نستنتج ان اداء الحزب بتسهيل حلّ “أزمة النزوح” لم ولن يختلف عن ادائه بتسهيل حل أزمة “السلاح”، وغني عن التأكيد من ان نظام بشار الأسد وداعموه وعلى رأسهم حزب الله كانوا أول وآخر من عمد وتعمّد تهجير قسم من النازحين امنيا الى لبنان كما عمدوا وتعمّدوا تسهيل نزوح القسم الأكبر لاحقا “اقتصاديا” عبر معابر ومسارب التهريب التي يسيطرون عليها بالتكافل والتضامن على طول وعرض طرفي الحدود السورية اللبنانية.
من ينتظر من “الحزب” حلا لازمة النزوح السوري الوجودية الأمنية او يتوقّع تسهيلا لحلّ ما في هذا الأطار ، نحيله أولا الى نجاعة حل “الحزب” لأزمة “السلاح” علّة العلل ، كما نحيله الى قول السيد المسيح في الكتاب المقدس انجيل متى 16:7:”مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟”