Search
Close this search box.

بالوقائع: موقف “الحزب” الحقيقي من دستور “الطائف”

dustur l ta2ef

لا يحتاج أي مراقب أو مستمع أو مشاهد إلى بذل الكثير من العناء لتبيان خيط الحزب الأسود في ما يؤمن ويخطط وفي ما يمارس ويطبّق من الخيط الأبيض في ما يعلن ويروّج، وآخر تجلياته في ما حاول نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم اقناعنا عاجزاً عن التزام الحزب “بما ورد” في دستور الطائف وايمانه بكل مندرجاته بـ”اعتباره الضابط” الحاكم لتسيير أمور البلاد والعباد وذلك بقوله حرفياً في 29 حزيران 2024: “ملتزمون اتفاق الطائف كما ورد لا نطرح أي تعديل أو تغيير أو أفكار واهمة، لأننا نحتاج إلى إكمال تطبيق الطائف الذي تقرر ونحن نؤمن به، عندما نقول أننا نؤمن بالطائف، فإن كل ما يصدر عن الطائف من الدستور والقوانين والمراسيم وآليات العمل للقوى المختلفة في لبنان، فنحن نعتبر أنَّ هذه هي الضابطة التي تحكم علاقتنا مع بعضنا البعض ونحن ملتزمون بها”.

لسنا بالوارد هنا تكرار ما تختزنه وتؤكده عقيدة وممارسة الحزب من نقد ونقض ودكّ لما بناه نائب أمين الحزب من ادعاءات الحرص والايمان والالتزام بالدستور ولسنا بوارد مناقشة “ما ورد” في الدستور وفي الاتفاق “المقدس” (حسب قاسم) الذي لا يحمل تعديلاً ولا تأويلاً في موضوع سلاح الحزب وقرار السلم والحرب وبسط سلطة الدولة بقواها الشرعية وحدها على كامل الأراضي اللبنانية.

إلا أننا نجد بالإضافة الى المسوّغات الموضوعية المبدئية العقائدية الثابتة والمثبتة لحقيقة موقف الحزب من الدستور ولكل ما هو دستوري وقانوني وضعي بشري، أنه من الضروري العودة الى الموقف المعلن الصريح للحزب من خلال مسؤوليه من اتفاق الطائف عند توقيعه وبعده والذي يفسّر الممارسات اللاحقة حتى اليوم.

نبدأ من السيد حسن نصرالله ومن كلمته التي ألقاها في 6 تشرين الاول 1989: “إن اتفاق الطائف مشكلة لأنه يكرس النظام الطائفي ولا إصلاحات، بل زيادة في عدد النواب، وقد أعطيت صلاحيات لمجلس الوزراء وبقي رئيس الجمهورية القائد الأعلى. إن مشكلتنا في لبنان هي النظام الطائفي الذي سيبقى في ظله الحرمان، والبديل كما قال مرشد الجمهورية الإسلامية أية الله علي خامنئي إن النظام يجب أن يسقط والناس هم يحددون صيغة النظام الجديد. وما نتمناه أن يختار الناس والشعب في لبنان النظام الذي يريدونه بعيداً من الضغوط ونحن مع حق الشعوب في تقرير مصيرها”… وفي ما ورد في بيان للحزب في 13 تشرين الأول 1989: “سنمزق اتفاق الطائف” وفي 12 تشرين الثاني 1989 عن ان “الطائف استسلام للمارونية السياسية واسرائيل”.

بالنسبة لشمول الاتفاق سلاح الحزب وتوجس الحزب منه يقول رئيس المكتب السياسي في “الحزب” محمد فنيش يومها في مقابلة مع صحيفة الديار تاريخ 15 كانون الثاني 1991: “في اتفاق الطائف نص لحل الميليشيات، هل المقاومة التي ضحت وجاهدت ودفعت العديد من الشهداء هي في الموقع نفسه مع الميليشيا التي استقدمت الاحتلال وتعاونت معه؟ اتفاق الطائف غير واضح في هذه المسألة، وهناك تجاهل واضح لدور المقاومة”، وعن الدور السوري في تأويل وتفسير وتحوير واستنساب ما هو واضح في نص “تجريد السلاح” في اتفاق الطائف، كما ان قاسم “الحريص” و”المؤمن” و”الملتزم” اليوم بالاتفاق – الدستور في كتابه “حزب الله المنهج، التجربة المستقبل” في الصفحة 164 عبّر عن توجسه من حقيقة المضمون “أسئلة صعبة واجهت حزب الله مع تكوين دولة الطائف بالنسبة لقرار الدولة “تجريد الميليشيات من سلاحها” وبما أن الحزب بنى أولويته على المقاومة، حصل الحزب على ضمانات سوريّة بعدم التعرّض له، هذا القرار السياسي أخرج حزب الله من دائرة البند الوارد في الطائف والمتعلق بـ”بتجريد الميليشيات من سلاحها”، ليشكل القرار الاقليمي السوري بتبني “حق المقاومة” الغطاء السياسي المساعد لحزب الله”، وكان قاسم نفسه قد عبّر عن حقيقة موقف الحزب الرافض للإتفاق تاريخ 11 كانون الأول 1989 قبل ان يصبح نائبا للامين العام بقوله”ان اجتماعات الطائف ادت الى ظلم اضافي للمسلمين وتكريس لوضع الموارنة واتفاق الطائف هو يضر المسلمين وهو سيئ ونكسة كبيرة.

ما هو السلم الذي سنحصل عليه؟ سلم الاذلة، سلم الذين سيتبعون لقيادات لا تعترف لا بالمسلمين ولا بالاسلام ونحن ندعو الى ان نتمثل بالمقاومة الاسلامية المجاهدة التي هي عنوان الكرامة والعزة ويجب علينا أن نحفظها وألا نلتهي بشؤون السياسة في هذا البلد، فاتفاق الطائف ليس لمصلحتنا ولسنا مستعدين لان ندخل فيه ولا ان نتعامل معه”، وقاسم نفسه كشف عن إيجابية واحدة لاتفاق الطائف في كتابه المذكور آنفاً في الصفحة 308 اذ كشف: “كانت وثيقة الطائف معبراً الى إنهاء تمرّد العماد ميشال عون”.

في ما قدّمنا واوضحنا ودلّلنا يقول سيّد الكتاب المقدّس في انجيل لوقا 18-8:16: “ما من أَحدٍ يُوقِدُ سِراجاً ويَحجُبُه بِوِعاءٍ أَو يَضَعُه تَحتَ سَرير، بل يَضَعُه على مَنارة َلِيَستَضيءَ به الدَّاخِلون. فما مِن خَفِيٍّ إِلاَّ سَيُظهَر، ولا مِن مَكتومٍ إِلاَّ سَيُعلَمُ ويُعلَن. فتَنَبَّهوا كَيفَ تَسمَعون”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: