بسط سلطة الدولة: مَن ساوى "الحزب" بـ"القوات" ما ظلمه

ou

من جملة ذرائع وحجج الحزب الوحيد الممسك والمتمسك بعتاده برزت حجة "تجربة" حزب القوات بعد تسليمه للدولة ومعاناته واستهدافه فبركةً للملفات وحلّاً للحزب وتنكيلاً واعتقالاً واغتيالاً علماً ألا مقارنة بين تسليم سلاح القوات في ظل زمن الوصاية السورية آنذاك وتسليم سلاح الحزب اليوم، ليحاول الحزب عبر محلليه تخويف طائفته وبيئته ومؤيديه من مغبة بسط سلطة الدولة بقواها الشرعية وحدها على مساحة 10452 كلم2 على ما اقتضته وتقتضيه احكام الدستور والقرارات الدولية والاتفاقات وآخرها وقف اطلاق النار وخطاب القسم للرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري الحائز على ثقة نواب "حزب السلاح" وقرارات مجلس الوزراء تنفيذاً للبيان في جلسات 5 و7 آب 2025 وخطة الجيش تاريخ الخامس من ايلول.

على الرغم من ان شهادة الحزب في تذرعه هذا للاحتفاظ بسلاحه، متأخرة عشرات السنين لصالح القوات وأحقية خطها وادائها ومبدئيتها  وهي التي قدمت وما زالت تقدم في زمن السلم أثماناً باهظة من الظلم والدم كالاثمان التي دفعتها في زمن الحرب، في سبيل قيام الدولة المستقلة الحرة السيدة على أراضيها، فإن مقاربة الحزب للتفلت تسقط بالمقارنة مع المرحلة الظالمة المظلمة التي سبقت وواكبت وتلت تسليم القوات للدولة وما زالت.

ننتقل الى تاريخ 30 أيار 1991 حيث عقد مجلس الوزراء جلسة له برئاسة الرئيس الياس الهراوي وحضور الرئيس عمر كرامي والوزراء ومن ضمن القرارات التي اتخذت في تلك الجلسة "حل التنظيمات المسلحة والميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وذخائرها والآليات إلى الدولة اللبنانية.

كما تقرر "استيعاب 20 الفاً من عناصر الميليشيات، وإنشاء مخيمات لتدريبهم وتأهيلهم". كما اتخذت "إجراءات لاستيعاب الميليشيات داخل الجيش ومنها، إعادة توحيد الجيش والولاء للمؤسسة ومبدأ خضوع المؤسسة العسكرية لقرارات السلطة السياسية، والانتقال من ألوية ذات طابع طائفي أو مذهبي او مناطقي الى ألوية ذات طابع وطني عام، من خلال عملية الدمج التدريجية".

يتذكر القاصي والداني كيف ان المسيحيين عامة والقوات اللبنانية خاصة كانوا في طليعة ضحايا "الانقلاب السوري على الطائف" تحجيماً ونفياً وملاحقات واعتقالات واقصاء فاغتيالات.

بالعودة الى ما ورد في قرار حل "جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية" عن تسليم الاسلحة الثقيلة والمتوسطة (دون الخفيفة) فإن التطبيق الاستنسابي على القوات اللبنانية دون غيرها بدا بالمداهمات والملاحقات والمحاكمات على جنحة "حمل سكين" او مشكل على افضلية مرور حتى قبل دخول قرار حل الميليشيات حيز التنفيذ بالاضافة الى استثناء الحزب من هذا الحل و"تشريع سلاحه" بقوة الاحتلال السوري...

ومن الظلم والاجحاف ان ننكر من سقط من القوات اغتيالا وذبيحة لقيام الدولة الذي نتلمس بشائره في ايامنا الحالية، كالشهيد سامي أبو جودة الذي اغتيل 18 كانون الأول 1990: فنزولاً عند توسلات عائلته سافر الى الولايات المتحدة بعد تلقيه التهديدات بالقتل عقب دخول الجيش السوري والأحزاب الموالية له الى المنطقة الشرقية إبان وبعد عملية 13 تشرين 1990. إلا أنه عاد لتمضية عيد الميلاد مع الأهل بينما كان يكتب أمنياته على بطاقات المعايدة في محل الصاغة الذي يملكه في الزلقا دخل عليه مسلحون نادوه باسمه وبادروه التحية بالرصاص. ليكون أول شهيد على لائحة التصفيات.

والشهيد إيلي ضو في 24 كانون الأول 1990، اذ اقتحم بيته في كفرشيما مسلحان وأردياه قتيلاً ومن ثم طاردوا زوجته الحامل الى المطبخ وأطلقوا عليها النار إلا أن العناية الإلهية أنقذتها، وولد إيلي الإبن ليكمل ما بدأه والده مع أخويه بشير وأنيس.

والشهيد سليمان عقيقي في 24 كانون الأول 1991، اذ أطلق مسلحون النار على القائد سليمان عقيقي شلومو في منطقة كفرذبيان واغتالوه بـ18 رصاصة.

والشهيد نديم عبد النور 3 أيار 1992، اعترض مسلحون في 3 أيار 1992 طريقه وأردوه في الأشرفية وكان برفقة ولده طوني على رغم أن نديم بادرهم بالقول "بدكن تقتلوني قتلوني بس مش قدام إبني".

ومن الظلم والاجحاف ان ننسى الشهيد فوزي الراسي 21 نيسان 1994 الذي توقف قلبه تحت التعذيب في وزارة الدفاع وهو يجلد على "البلانكو".

كذلك الشهيدان جورج ديب ونعمة زيادة 19 حزيران 1998 اللذان استشهدا في انفجار عبوة ناسفة في الدورة.

وكيف ننسى الشهيد رمزي عيراني الذي خُطف من مكان عمله في الحمرا في السابع من أيار 2002 ليعثر عليه جثة في صندوق سيارته وقد قتلته رصاصتان في القلب والرئة.

والشهيد بيار بولس 1 أيار 2004: استشهد على يد سوريين تواروا عن الأنظار في موقف للسيارات قرب منزله في الجميزة.

والشهيد بيار عفارة – 14 أيلول 2004 قتل على يد أحد السوريين الأكراد بطعنة في صدره في برج حمود بينما كان يحضّر لقداس رابطة إيليج.

والشهيدان عزيز صالح وطوني عيسى – واحد تموز 2005 فتح المدعو يوسف فرنجية النار عليهما في بلدة ضهر العين وأرداهما ثم هُرّب الى سوريا حيث مات هناك.

والشهيد رياض أبي خطّار – 23 كانون الثاني 2007 اذ أطلق النار عليه على أوتوستراد البترون عندما كان أنصار المردة والتيار الوطني الحر يقطعون الطريق العام.

الشهيد بيار اسحق 17 أيلول 2008 أطلقت عليه النار من أنصار تيار المردة في الكورة حيث كان بيار ورفاقه يوزعون ملصقات في بلدة بصرما الكورانية تدعو الى المشاركة في قداس شهداء المقاومة اللبنانية.

الشهيد الياس الحصروني – 2 آب 2023 اغتيل على يد خاطفين في عين إبل تنقلوا في سيارات رباعية مفيّمة أتت من قرى متعددة مجاورة في نفس الوقت.

الشهيد سليمان سركيس عبر اطلاق النار عليه في بلدته شكا تاريخ 14 تشرين الثاني 2023، فالشهيد باسكال سليمان الذي خطف في 9 نيسان 2024 على طريق ميفوق حاقل عبيدات في جبيل وعُثر على جثته داخل سوريا.

قد يكون خير تعبير على عدم صوابية وهشاشة تذرع الحزب بـ"سابقة" القوات اللبنانية للاحتفاظ بسلاحه هو في ما قاله رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في قداس شهداء القوات اللبنانية في السابع من ايلول 2025: "أكثريّة اللّبنانيّين، لا ترضى أن يصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السّابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا، فالأيّام اختلفت والظّروف تغيّرت، لا غازي كنعان ولا رستم غزالة، ولا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفْق مفاهيمه، بل سلطة وطنيّة انبثقت عن مجلس نيابيّ حقيقيّ، ساهمنا جميعًا، أنتم ونحن، في انتخاب أعضائه، وتحت أنظار حكومة كنتم أكثريّةً فيها".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: