Search
Close this search box.

بعدما سرق متمولون المصارف بغطاء قانوني.. عودة التسليفات ضرورية بشروط

loans

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هيكلة القطاع المصرفي واستعادة الثقة بالمصارف اللبنانية، من باب عودة التسليف والقروض المصرفية المتنوعة على غرار ما كان عليه الواقع قبل 17 تشرين الأول 2019.
لكن الوصول إلى تفعيل العمل المصرفي يدفع نحو طرح سؤال منطقي حول ما إذا كان التسليف وفق القوانين السابقة، هو الحل المنشود لتحريك القطاع وإعادته إلى العمل كما في المرحلة السابقة؟

من المعروف أن سياسة التسليف كانت بالدرجة الأولى، أساس العمل المصرفي، ولكن وفق الطريقة التي كانت تتم بها، فإنها بالطبع لا تشكل الحل المطلوب لتنظيم العمل.

فالغوغائية التي كانت تطبع بعض الممارسات، قد سمحت لغير المستحقين من الإستفادة من هذه القروض المصرفية “السخية”، والذين زادوا من حجم ديونهم طمعاً بإيفائها وفق سعر الدولار القديم أي 1500 ليرة او المعدل لاحقاً ليصل إلى نحو 3000 او 8000 ليرة، أو من خلال شيكات مصرفية كان يتم شراؤها من السوق السوداء وبقيمة متدنية وصلت في بعض الأحيان إلى 12 بالمئة من قيمتها.

وهنا، فإن الحديث لا يطال المودع الذي حصل على قرض لشراء سيارة او منزل او عقار وبقيمة معقولة وبادر إلى رده من خلال دفع 10 بالمئة من قيمتها ووفق تشريع صدر لهذه الغاية مع بداية الإنهيار المالي.

أما فئة المقترضين الذين استفادوا على حساب المودع أو قروض التجزئة او القروض الصغير، فهم كل الذين كانوا قد حصلوا على قروض تكاد تكون “خيالية” مستغلين سياسة التسليف التي كانت قائمة، ثم قاموا بتحقيق الأرباح المالية لاحقاً بعدما عمدوا إلى رد القروض من خلال دفع ما نسبته 10 بالمئة من قيمتها الحقيقية وبغير عملة الدين، ما تسبب بضياع عشرات المليارات من الودائع التي كانت في المصارف.

وهؤلاء المقترضون ومن بينهم شخصيات سياسية معروفة كما رجال أعمال ومستثمرين كبار، قد استغلوا التشريعات التي كانت مخصصة للمودع الصغير، بعدما كانوا استفادوا “بالطول وبالعرض” من سياسة التسليف التي كانت معتمدة من دون قيود تحت عنوان تنمية الاقتصاد وزيادة نسبة النمو وهو متعارف عليه عالمياً.

إلا أن هؤلاء سيعاودون ممارساتهم هذه في حال كان التوجه مجدداً نحو الانفتاح على التسليف وتطبيقه بشكل غير مدروس.

وبالتالي، فان كبار المودعين الذين حصلوا على قروض ضخمة من المصارف قد عمدوا إلى رد جزء بسيط جداً منها وخسرت المصارف أموالها وتالياً مودعيها الباقين، سيجددون هذا الأمر ولكن ربما من خلال مصرف آخر غير المصرف الذي سبق وأن استولوا على أمواله!

ولذلك فإن الهجمة على المصارف واتهامها بانها سرقت اموال المودعين، غير دقيقة، لأن من سرق الأموال هم هؤلاء الممولين الكبار الذين حصلوا على قروض بقيمة مرتفعة وسددوها بأقل من القيمة الحقيقية من خلال الشيكات او الدولار المصرفي وليس بالدولار “الفريش”.

وفي الواقع، يمكن القول اليوم إن هذا الأمر سيتكرر في حال استأنفت المصارف التسليف المفتوح للجميع كما في السابق، إلا في حال تشريع قانون جديد للتسليف يكون خاضعاً لهيئات الرقابة المالية وفرض غرامة على كل الممولين الكبار الذين سدّدوا قروضهم المصرفية خلال الأزمة واستفادوا على حساب المودع الصغير لدى سداد الديون بمعنى أنه لا يجوز ان يساوي القانون بين المودع الصغير والممول والمستثمر الكبير، لأنه في تلك الحالة سيتعرض المودع للصلب مرة ثانية.

ويصح القول أن هؤلاء الممولين الكبار هم الذين سرقوا الودائع وحتى سرقوا المصارف والمودعين الصغار.

ويشار في هذا السياق إلى أن فئة الممولين الكبار الذين استفادوا من القروض تضم مسؤولين رسميين وموظفين رسميين كبار ورجال أعمال ومتمولين ومستثمرين.

وبالأرقام فإن مجموع الديون المصرفية في العام 2019 قد بلغت 60 مليار دولار ومن ضمنها 45 مليار دولار، وتم تسديد ما يقارب الـ37000 دولار منها عبر الشيكات المصرفية او بالدولار الفريش، أو على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية.

اما حجم القروض اليوم فيبلغ ٧ مليار دولار، منها ما تبقى من القروض ما قبل 2019 ومنها ما أعطي عن طريق “الفريش”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: