كتبت صونيا رزق: إختصرت الصورة الحكومية الاخيرة بمشهد خروج رئيس المجلس النيابي نبيه برّي من الباب الخلفي لقصر بعبدا، على أثر رفض خياره بتسمية الوزير الشيعي الخامس القاضي عبد الرّضا ناصر، من قبل الرئيس المكلف نواف سلام المصرّ على توزير السيّدة لميا مبيّض، في وقت كانت التشكيلة تتحضّر لإعلان أسمائها، عندها برزت “عنتريات ومراجل” رئيس المجلس بالتهديد بعدم المشاركة بالحكومة مع الحليف الدائم حزب الله قائلاً: “او نكون سوياً في الحكومة او نخرج سوياً”، لتعود التشكيلة الى المربّع الاول من جديد، فتنشط الاتصالات الليلية بطلب من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، لضبط الوضع المتوتر مع مستشار برّي علي حمدان، وسط إصرار الاول على الإسم المطروح، وإصرار الرئيس المكلف على تسمية الوزير الشيعي الخامس، على غرار ما قام به مع باقي الاطراف، وإن كانت الطريقة مغايرة وفق المثل الشائع” صيف وشتاء على سطح واحد”، او بطريقة أوضح” كتل بسمنة وكتل بزيت”، لانّ المعايير التي سار عليها الرئيس سلام مع “الثنائي الشيعي” فاقت كل انواع الغنج السياسي، ومع ذلك عاد خائباً في اللخظات الاخيرة قبل إعلان التشكيلة.
الى ذلك دخلت حقيبة الصناعة أيضاً على خط العقد، بعدما اُعطيت لـ”القوات اللبنانية”، فأتى إستغراب برّي لانه “إستحلى” الصناعة ويريدها لـ”الثنائي”، سائلاً: “كيف تعطون الصناعة لـ”القوات” من دون إستشارتي؟؟!!
الامر الذي يثير الإستغراب لانّ الدستور لا يسمح لرئيس المجلس بالتدخّل في كل هذه الامور، او بحجز حصة وازنة في كل حكومة مع الحليف حزب الله، لكن ما جرى أكد انّ التعطيل يتحضّر بقوة لممارسة الضغوط في اي وقت، وفرض الرأي والتحكّم بالحكومة، مما يعني انّ الإنقلاب على الحكومة سيكون حاضراً في اي وقت…
وسط كل هذا أتت المفاجأة الاكبر لـ”الثنائي” ظهر اليوم، مع الرسائل التي أطلقتها نائبة الموفد الأميركي الخاص الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس من قصر بعبدا، قائلة: “إسرائيل هزمت حزب الله ونحن ممتنون لها بسبب ذلك”، وأكدت على مسألة عدم مشاركة حزب الله في الحكومة الجديدة بأي شكل من الأشكال، و”بأنه لن يتمكن من إرهاب المجتمع اللبناني مُجدداً، لاننا سنعمل على إنهاء تأثيره”، مما يعني انّ تهديد برّي بالخروج من الحكومة، أتى في جعبة المسؤولة الاميركية كرسالة تحذيريةً شديدة اللّهجة، مفادها أنّ واشنطن لن تتهاوَن مع أي نفوذ او تهديد الحزب للحكومة الجديدة، بالتزامن مع تفاقم الضغوط الدولية التي تصرّ على الحد من نفوذه الداخلي، مع تحذيرها من انّ لبنان قد يواجه عزلةً وأزمةً اقتصاديةً أكثر حدَّة، إنْ لم يُقدم على إصلاحاتٍ جذرية ويحدّ من تأثير الحزب المدعوم من إيران.
بإختصار مواقف المسؤولة الاميركية جاءت ردّاً وفي الوقت المناسب على تهديد “الثنائي” بأنّ الحكومة لن تسير إلا وفق شروطه، من ضمنها تحويل الحكومة الى رهينة، وبالتالي إحتكار برّي والحزب للقرار السياسي للطائفة الشيعية، فيما لا تعكس هذه السياسة إرادة أبناء الطائفة الشيعية التي ترفض ان تكون محصورة بـ”الثنائي”، خصوصاً بعدما باتت البيئة غير حاضنة لهما، لانها لن تبقى تحت هيمنة فريق مهمته إسقاط الدولة وتحويلها الى دويلة، لكن هذا الزمن ولىّ بقوة والى غير رجعة، وحان حضور الدولة القوية الفاعلة، وعلى المعرقلين ان يفهموا الرسائل المتتالية، فزمن الانتصارات الوهمية لم يعد ينفع…