بعد رحيل نصرالله.. من يملأ الفراغ؟

nasrallah hands

مما لا شك فيه أن عملية اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، قد أحدثت وإلى جانب الترددات الكثيرة التي نتجت عنها، فراغاً حقيقياً على صعيد الإمساك بالسلطة السياسية في البلد، كون الحزب كان يتحكم بكل مفاصل الدولة التشريعية والتنفيذية وحتى الأمنية وصولاً إلى المالية والصحية والإجتماعية كما التربوية.

وعلى هذه الخلفية، فإن الإستحقاق الأساسي اليوم، هو إيجاد السلطة القادرة على ملء الفراغ الكبير الذي نشأ وبدأت تتلمسه القوى السياسية كافةً، من خلال الإرباك الرسمي الواضح في مواكبة تحديات المرحلة وأبرزها تحدي حماية السلم الأهلي واحتضان ورعاية مئات الآلاف من النازحين وهم بغالبيتهم العظمى من بيئة الحزب، التي وجدت نفسها فجأةً متروكةً، ولم تجد أمامها إلا المعارضة واللبنانيين في كل المناطق الذين سارعوا إلى تقديم كل أنواع الدعم ومن دون أي تحفظ أو قيود، وذلك على قاعدة الأخوة والشراكة في الوطن بعيداً من كل الحملات السابقة والإتهامات وحتى الإشكالات الدموية التي سجلت على امتداد السنوات الماضية بين بيئة الحزب وجمهور المعارضة من كل الطوائف اللبنانية من دون أي استثناء.

ويقود هذا المشهد الوطني على مستوى الشارع المحاصر بالنار الإسرائيلية المتنقلة من منطقة إلى أخرى، إلى رسم خارطة طريق وطنية تضع في أولوياتها بالدرجة الأولى، إستعادة سلطة وهيبة الدولة والقانون والدستور من قوى الأمر الواقع التي ما زالت تواصل أداءها السابق ومن دون الأخذ في الإعتبار الخطر الذي يتعرض له لبنان اليوم، وهو المكشوف أمنياً ومخابراتياً أمام العدو الإسرائيلي، بعد سلسلة الهجمات والإغتيالات والمجازر التي حصلت وسقوط مئات الشهداء من المدنيين في أكثر من منطقة.

وإذا كانت تحديات الواقع السياسي تفترض أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وقادرة على الإمساك بالأوضاع المستجدة، والتي وصلت إلى حالة الإهتراء الكامل نتيجة حكم “الفريق الواحد” منذ سنوات، وعدم ملاقاة قوى المعارضة التي طالبت بالإصلاح أولاً وبتطبيق القانون ثانياً وباحترام الشراكة الوطنية ثالثاً وحماية السلم الأهلي رابعاً.

إلا أنه في المقابل، لا يمكن التغاضي عن مواصلة قوى السلطة النهج ذاته من نكران أسباب الأزمة الخطيرة التي يواجهها كل اللبنانيين اليوم، الذين لا يجدون قيادات على مستوى إدارة المرحلة، وعلى الأقل إدارة ملف وقف النار والتحرك الدبلوماسي الفاعل في المحافل الدولية، وإدارة ملف النزوح مع إعلان وزير البيئة ناصر ياسين عن مليون نازح في الشارع.

وعلى سبيل المثال، يكفي ما برز أخيراً عن مبادرة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن طرد النازحين من أرض يملكها بمساعدة القوى الأمنية، أو رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري والقيادات الحزبية في الثنائي الشيعي، فتح فنادقهم والبنايات الفخمة التي يمتلكونها وهي بمعظمها “شاغرة” للنازحين والإكتفاء بتوجيههم إلى المدارس الرسمية التي فقدت قدرتها على الإستيعاب وفق ما أكد وزير التربية عباس الحلبي، فإن كل هذا كاف لأن يعطي صورةً للشارع عما سيكون عليه الواقع في حال قرر العدو مواصلة عدوانه على غرار ما يحصل في غزة.

إنطلاقاً مما تقدم فإن السلطات الحالية لا يمكنها إدارة ظهرها للتحديات وعدم ملاقاة قرى المعارضة السياسية، في طرحها الوطني والذي ثبتت دقته وصوابيته، والذهاب نحو انتخاب الرئيس وإطلاق مرحلة جديدة، يكون فيها الحوار والعمل جديين وليس فقط شعاراً لمواصلة التعطيل من جهة وإدارة البلد بشكل منفرد من جهة أخرى.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: