بعد "قرض الحسن".. "جود" على المقصلة العقابية؟

kared-r8suln0vu1sijb1l0ybdkrpgwtwaotwdx9277xmqe8

لا تبدو ولادة مؤسسة "جود" تفصيلاً تقنياً أو مبادرة اجتماعية عابرة، بقدر ما تعكس تحولاً بنيوياً في كيفية إدارة حزب الله لشبكاته المالية في مرحلة يطبق فيها الحصار الاقتصادي على مفاصل "الحزب" وبيئته الحاضنة، بالتالي المسألة هنا لا تتصل فقط بإطار مؤسساتي جديد، بل بإعادة هندسة كاملة للأدوات المالية في مواجهة منظومة عقوبات تتوسع وتتعقد.

في هذا السياق، تشير المعطيات إلى أن "الحزب" أنشأ مؤسسة تجارية مرخصة، بدأت فعلياً بتولي جزء من الوظائف التي كان يضطلع بها القرض الحسن، ولا سيما في ما يتصل بإقراض المناصرين وتأمين السيولة خارج القنوات المصرفية التقليدية، بالتالي هذه الخطوة وفق مصادر متابعة، قد لا تكون الأخيرة، إذ يتوقع أن تتكاثر المؤسسات الرديفة، كل منها تتولى مهمة محددة ضمن شبكة مالية موزعة، هدفها امتصاص الصدمات وتفادي الاستهداف المباشر.

غير أن هذا المسار، على ما يبدو محكوم بسقوف عالية من التعقيد والمخاطر، فالخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، وفي تصريح لموقع LebTalks، يضع الخيارات أمام "الحزب" في معادلة شبه مستحيلة مفادها إما إقفال "القرض الحسن" وما يستتبعه ذلك من مواجهة مباشرة مع قاعدته الاجتماعية، أو إخضاعه لسلطة مصرف لبنان، وهو خيار يصفه عجاقة بالمستحيل، لأن ذلك يعني فتح دفاتر المؤسسة أمام لجنة الرقابة التابعة للمصرف المركزي، وما قد يترتب على ذلك من كشف لأسرار مالية شديدة الحساسية.

ويذهب عجاقة أبعد من ذلك، متسائلاً عن مصير أي أموال قد تأتي من إيران في حال خضوع المؤسسة لأي إطار رقابي رسمي، هل يمكن للإدارة الأميركية أن تتغاضى عن تدفقات مالية من هذا النوع في ذروة الاشتباك الاقتصادي مع طهران؟ السؤال بحد ذاته كاف لإسقاط هذا الاحتمال من التداول.

في المقابل، تؤكد الوقائع أن الدولة اللبنانية، سواء بقصد أو من دونه، شددت الخناق المالي على "الحزب" إلى مستويات غير مسبوقة، والدليل أن تعميم مصرف لبنان رقم 170 جاء ليكون محطة مفصلية في تجفيف قنوات التمويل، تلاه قرار وزير العدل عادل نصار الذي منع كتاب العدل من إجراء تحويلات مالية لأشخاص أو جهات خاضعة لعقوبات.

أمام هذا الواقع، بدا لجوء "الحزب" إلى مؤسسة رديفة خياراً اضطرارياً لا ترفاً تنظيمياً، بغض النظر عن الاسم أو الصيغة القانونية، لكن السؤال الأخطر، هل ستكون "جود" بمنأى عن المقصلة العقابية؟

معلومات خاصة بـLebTalks، نقلاً عن مصادر واسعة الاطلاع، تشير إلى أن المؤسسة قد تجد نفسها قريباً أمام شبح العقوبات الأميركية، في سياق استراتيجية العزل المالي الشامل الموجهة ضد "الحزب"، الذي يتهم بتمويل أنشطة مشبوهة وغير قانونية، كما تتضح هذه الخطوة أيضاً في إطار الحرب الاقتصادية الأوسع التي تقودها واشنطن ضد إيران وميليشياتها في المنطقة.

وتشير المصادر إلى أن ملفّ "جود" أو "قرض الحسن"، مهما اختلفت التسميات، لم يعد محصوراً في أبعاده المحلية، بل أصبح جزءاً من لعبة دولية أوسع، إذ يرتبط مصير هذه المؤسسة بشكل مباشر بمسار التفاوض غير المباشر بين طهران وواشنطن، وبجهود دولية لضبط تحركات الحزب المالية، من خلال مراقبة أمواله، وتقييد تحويلاته، والحد من تأثيره على المشاريع المشبوهة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: