بين التحذير و”التطنيش”: هل تفتح أبواب الجحيم على لبنان؟

jnoub

نفّذت إسرائيل ما هددت به طوال الفترات الماضية. وضربت بعنف عمق إيران، فانكسرت صورة الدولة التي كانت تحلم بحمل لقب “الدولة النووية”. ومع تزايد حدّة الحرب، يقف لبنان امام مفترق خطير ومفصليّ.

في التاريخ الحديث، يمكن القول إن الإمبراطورية الفارسية حكمت لبنان رسمياً من عام 2006 حتى 2025. ومع سقوط طهران، يدخل لبنان مرحلة جديدة لا يعرف حتى هذه اللحظة كيف يتعامل معها.

وما بين رحيل إمبراطورية وبزوغ فجر سياسي جديد هناك خضّات تحصل في لبنان. فمع إنتهاء حكم الأتراك حصلت الحرب العالمية الأولى وما جرّته على جبل لبنان من ويلات. وبعد رحيل الإنتداب الفرنسي حصلت النكبة عام 1948 وما يزال لبنان يدفع ثمنها حتى اليوم. وبين أفول نجم الناصريّة وصعود نجم منظمة التحرير الفلسطينية دفع لبنان الثمن الاكبر وتجلّت بحرب 1975. ولم يرحل الإحتلال السوري إلا بعد زلزال إغتيال الرئيس رفيق الحريري. ودخل النفوذ الإيراني إلى بيروت على دماء اهل الجنوب في حرب “تموز” 2006 حيث نفّذ “حزب الله” الإنقلاب الأكبر على قوى 14 آذار وقلب المعادلة السياسية.

يقف لبنان اليوم أمام مفترق طرق خطير، فالجميع سلّم بانهيار محور “الممانعة” حتى الممانعين أنفسهم، لكن هناك من يسعى في لبنان إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والحفاظ على نمط الحكم السائد لأنه يؤمن مصالحه.

والأخطر من هذا كلّه دخول “حزب الله” بما تبقّى من جناحه العسكري مدار الحرب وأخذ بيئته ولبنان إلى الإنتحار بعد محاولة الإنتحار الأولى في حرب “الإسناد”. وفي السياق مطلوب من لبنان الرسمي التحرّك السريع لضبط الوضع ومصادرة السلاح غير الشرعي.

وصلت التحذيرات الدولية إلى كل المسؤولين في الدولة اللبنانية، والدولة بذاتها نقلتها إلى “حزب الله”، لكن قرار “الحزب” موجود في طهران وليس في الضاحية أو بيروت.

وفي هذا الإطار يفتقد لبنان إلى المبادرة والحركة. وكل ما يقوم به مسؤولوه هو التصاريح، فلا تجرؤ الدولة حتى الساعة على إيقاف عنصر من “حزب الله” أو “حماس” يحاول إطلاق صاروخ. وما تزال تتخلّى عن سيادتها تحت شعار صون السلم الأهلي.

وإذا كانت الأوامر أعطيت للأجهزة بالإستنفار، إلا أن هذا غير كاف بسبب طبيعة تركيبة السلطة اللبنانية وتوزّع مراكز النفوذ. وما تعجز الدولة اللبنانية عن معالجته بالسياسة لن يُعالج بالأمن أو بالاوامر العسكرية.

وتؤكّد مصادر دبلوماسية أن الوضع على فوهة بركان ولن يرحم لبنان إذا قرّر اي فصيل إدخال البلاد في دوامة الحرب، فالقرار الدولي متخذ، وليس هناك من وسيلة أمام لبنان لحماية نفسه سوى بمصادرة كل السلاح غير الشرعي وبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة.

ولم يعد ينفع أسلوب التذاكي المعتمد لأنه سيوصل لبنان إلى الخراب. فاذا حزمت الدولة امرها وطبّقت المطلوب منها سينجو البلد، وإذا دخلت الحرب فأبواب الجحيم ستفتح على مصراعيها.

ترسم الدول سياستها حسب مصالحها، فبعد زيارة الرئيس دونالد ترامب الاخيرة الى المنطقة ومواقفه، نرى دولاً عدة فهمت الرسالة الحازمة. سوريا حيدت نفسها ومشت بمركب المنطقة، العراق تعتمد الحياد. أما لبنان فما يزال بطيء الخطى، وبالتالي كل الاحتمالات واردة، فهل يدخل حزب الله مثل هكذا مواجهة مكلفة على بيئته بشكل خاص وعلى لبنان بشكل عام؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: