بين الجفاءٍ الإيراني والغطاء الروسي… بوادر اعتماد الأسد للشروط العربية تتظهّرُ بوضوح أكبر!! 

916b72ad-e012-4f14-9a20-a0073674c5e1

يبدو أن رئيس النظام السوري بشار الأسد بدأ يرضخ للشروط العربية التي نُقِلت اليه خلال أعمال القمّة العربية الأخيرة في المنامة، تلك الشروط التي سبقَ أن تناولناها بالتفصيل في مقال تحليلي سابق حول القمة، والتي تُختَصر في بالنقاط الآتية:

– الفصل بين حزب البعث والحكم 

– الغاء التجنيد العسكري الإلزامي وإصدار عفو عن المتخلّفين عن التجنيد، وبخاصةٍ مَن هم في صفوف النازحين السوريين بهدف بناء جيشٍ وطني محترفٍ تمهيداً لتخفيف ضغوط النزوح السوري عن الدول التي تستضيف النازحين وفي طليعتهم لبنان .

– إصدار عفو عن كافة المطلوبين ومَن حُرّرت بحقهم تقارير استخباراتية من سياسيين وموقوفين تعسفياً أو كيدياً.

– الإعداد للشروع في انتخاباتٍ برلمانية وبلدية جديدة تحت مراقبةٍ عربية وخليجية.

– السيطرة على الشمال السوري وإجراء 

إصلاحات في هيكلية المكاتب الرئاسية، وهو ما كان أُعلنَ عن الشروع به منذ فترة بحيث أصدر وزير الداخلية السوري محمد الرحمون  بالأمس قراراً يقضي بعدم إصدار أي مذكرة بحثٍ عن أشخاص مطلوبين، الا هؤلاء المتوافرة بحقهم أدلة تُثبِت تورّطهم بالجريمة أو الجرم بعيداً عن الشبهات والتقارير واعترافات الزور من بعض الأشخاص، وعدم اﻻكتفاء بالاعترافات وبالتالي  إسقاط أي مذكرة جلب واعتقال بحق أي سوري يُلاحَق بتحقيقٍ ما أو بمناسبة تحقيق ما أو يُستهدَف بتقرير أمني ما، وهذه المذكرة هي من الخطوات الواقعية التي بدأ نظام الأسد بتطبيقها في سياق اصطفافه الى جانب الشروط العربية والخليجية .

كما أمرَ الوزير السوري بتجنّب إصدار أية بلاغات مراجعة بحق أي مواطنٍ من دون توفّر المبرّرات الكافية لهذه المذكرة.

العرب يريدون من الأسد التأسيس لمرحلة إنتقالية في سوريا

الشرط الآخر والذي ﻻ يقلُّ أهمية بخطورته هو إنهاء وجود الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، سواء كعشائر عربية موالية لإيران أو ميليشيات لبنانية مدعومة من إيران أو ميليشيات عراقية أو سورية مدعومة من الأخيرة.

والملاحظ أن الشروط العربية المُشار اليها لم تتطرّق الى موضوع إجراء انتخابات رئاسية لأن العرب يريدون من الأسد التأسيس للمرحلة اﻻنتقالية كونه الشرعي الوحيد الموجود على الساحة بعد فشل المعارضة السورية في تقديم البديل كما سبقَ وكتبنا، وبالتالي فإن  الرئيس السوري يُدرك بأن مَن يطلب منه سيصل به الى مرحلة الحل السياسي الذي، وانطلاقاً من القرار الأممي 2254 سيعني حتماً إقصاءه عن الحكم.

شروط معبِّرة عن مرحلة تغيييرات في المنطقة

ومن الشروط المهمّة والمُعبّرة جداً عن طبيعة المرحلة المقبلة اشتراط قبول التفاوض مع الجانب الإسرائيلي في اللحظة التي يحين فيها وقت التفاوض بالتوازي مع قوى شرقي الفرات (قسد وحلفائها)، وقد اعترفت موسكو بمشروع تلك القوى كإدارة ذاتية وطالبت  النظام السوري بالتفاوض معها قبل تقسيم سوريا الى قسمين …فالتغيير السياسي في سوريا بات قاب قوسين أو أدنى من التحقّق من خلال شرق الفرات تحت إشراف حلفاء الوﻻيات المتحدة الأميركية والناتو .

وفي هذا السياق، عُقدَ منذ يومين اجتماعٌ موسّعٌ للعشائر العربية برعاية التحالف والأميركيين والخليجيين والأردن ومصر، وقد ألقى قائد قسد مظلوم عبدي خطاباً مهماً كرّسَ وحدة الرؤية لدى كافة القوى في شرق الفرات، فيما خصَّ الإدارة الذاتية التي ستحكم في ما بعد سوريا بالحل السياسي المرتقَب.

“الدمُ السوري مقابل الدم السوري” معادلةٌ مرفوضةٌ

مؤتمر العشائر هذا أصدر بياناً ختامياً عكسَ في حيثياته حقيقة الصراع الحالي في شمال سوريا، كونه صراعاً بين التركمانية السياسية والإسلام السياسي أكثر ممّا هو بين النظام والمعارضات المتطرّفة إسلامياً،

 وبالتالي فقد مدَّ مؤتمر العشائر الذي عُقدَ في الحسكة يده للجميع من أجل المباشرة بالحوار تمهيداً لإرساء السلام وبناء علاقات حسن جوار (الغمز من قناة تركيا التي كانت داعمة للفصائل المعارِضة المتناحرة) مع شعوب المنطقة كافةً، واعتبار معادلة  “دمٌ سوري ضد دمٍ سوري” حرامٌ، ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله، ورفض التمييز سواء على أساسٍ قومي (الغمز من قناة النزعة لدى البعض في رفض التحالف مع الأكراد السوريين) أو ديني، أو على اساس جندري … والإيمان بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة، والتأكيد على وحدة سوريا ورفض تقسيمها واعتماد نظام إتحادي فدرالي لجميع السوريين من دون أي استثناء …  

هل يخرج الأسد ونظامه من العباءة الإيرانية؟

انطلاقاً من مجمل هذه المعطيات، يمكن فهم أمرين أساسيين :

الأول، فتح الرياض سفارتها في سوريا وتعيين سفير جديد لدى دمشق، فالحضور العربي والخليجي وبخاصة السعودي على أرض الواقع السوري سيساهم مساهمة كبرى في السهر على تنفيذ الأسد للشروط العربية، والأمر

الثاني هو تشجيع الأسد على الخروج شيئاً فشيئاً من العباءة الإيرانية من خلال وجودٍ وازنٍ لإيران عسكرياً وديبلوماسياً مقابل الوجود العربي والخليجي، وتحديداً السعودي والإماراتي، ما يتيحُ للأسد ونظامه خيارات التقدّم خطوةً بخطوة تجاه العرب والخليجيين خصوصاً في هذه الفترة من “الجفاء” في علاقاته مع الإيرانيين.

من هنا، نعتقدُ بأن المرحلة الراهنة كما المقبلة، ستكون حبلى بالمفاجآت في المشهد السوري، حيث  الصورة اليومية في تقلّبات شديدة تشي بتطورات سياسية وأمنية كبيرة تتّجه نحو تكريس معادلات داخلية وخارجية جديدة لصالح الخط العربي والخليجي، وعلى حساب الخط الإيراني وبتنسيق وموافقة الروس.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: