بين “انتصار” الممانعة و”الابادة”: شتّان بين الألفاظ وحقيقة الإنجاز

لم يكن ما حدث من مجزرة في مخيم النازحين شمال غرب رفح في 26 أيار 2024 الا من ضمن السلسلة التي لم تتوقف من استهداف للمدنيين نساء واطفالاً وشيوخاً، ولم يكن ما حدث بمفاجئ من حيث المبدا لقياديي محور الممانعة وعلى رأسه امين عام حزب الله حسن نصرالله الذي أطل في 24 من الجاري معلناً ظفر المحور بالمعركة كما كان مرحبا مهللا بحكم محكمة العدل الدولية التي “أمرت” بوقف الهجوم على رفح.

لقد أكد المحور الممانع في أوقات سابقة بأن اسرائيل بما ارتكبته سابقاً وترتكبه حالياً انما يقع من ضمن هدفها الأساسي المخفي المضمر وهو الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني وهذا ما ذكره نصرالله في 14 كانون الثاني 2024 بقوله: “الكيان يعتمد “نفاقاً أخلاقياً” أمام العالم من خلال نفيه قيامه بحرب إبادة جماعية في ‎غزّة” لتأمر محكمة العدل الدولية في 26 كانون الثاني إسرائيل بمنع “الابادة الجماعية” وقد لاقى المنع الصادر عن المحكمة الدولية استحسان وترحيب وتهليل المحور الممانع الذي سبق له ان قال بالمجتمع الدولي وبمحاكمه وبهيئاته ما لم يقله مالك بن انس في الخمرة، والحكم المبرم للمحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري خير مثال.

ان ما اطلقه نصرالله من بشائر الانتصار للمحور والانكسار للعدو الغاشم بعدم تحقيق هذا الاخير للأهداف الموضوعة لحملته على غزة واعتداءاته على الجنوب اللبناني لا يستوي مع تأكيد محكمة العدل الدولية على قيام اسرائيل بإبادة جماعية للشعب الفلسطيني كما انه لا يستوي مع استمرار اسرائيل في عملياتها العسكرية في غزة وانطلاقها الى آخر معقل لحماس وآخر ملاذ آمن للفلسطينيين قبل تهجيرهم النهائي وإبادتهم على ما حذرت الهيئات الدولية والقوى الممانعة “المنتصرة”.

تأكيداً على الهدف الاسرائيلي غير المعلن أعلن الحزب في 17 تشرين الأول 2023 بعد عشرة ايام فقط على عملية طوفان الأقصى وتعليقاً على مجزرة المستشفى المعمداني في غزة: “على المنظمات الدولية والاقليمية التحرك الفوري ضد المجازر والابادة ‏الجماعية للشعب ‌‏الفلسطيني المظلوم وتنفيذ التهجير القسري تحت وطأة المجازر والارهاب ‏والقتل”.
وفي 11 كانون الأول 2023 قال رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين: “هناك حرب إبادة وتطهير عرقي في غزة، دون أي رادع إنساني أو أخلاقي أو حقوق إنسان أو قانون دولي”. أما نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم فقد قال في نفس الإطار في 13 شباط 2024: “بعض الدول تستنكر وتقول أنَّها ضد أن تستمر الحرب، وضد الإبادة الجماعية، والإبادة حاصلة وضد أنَّ غزة تنعدم فيها الحياة، والنتيجة أنهم يعدمون الحياة”. فالمقاومة في فلسطين وفي غزة انتصرت وهي منصورة، ولن يتمكنوا إلا من قتل المدنيين وهدم البيوت، وفي 19 شباط 2024 يقول رئيس كتلة الحزب الحاج محمد رعد “العدو الإسرائيلي يمهّد للدخول إلى رفح، وهو يراهن على أن يستبيح رفح رغم وجود مليون و400 ألف غزاوي هناك، والعالم كله يستهول أن ترتكب المجازر حتى لا يحرجهم العدو الإسرائيلي، ولكن مع ذلك يعطونه الفرص، ولكن حتى لو دخل إلى رفح سيعود خالي الوفاض، فاشلاً لم ولن يحقق الهدف من عدوانه”ليعود ويؤكد صفي الدين في 21 نيسان 2024 ان “لا خلاف بين الصهاينة والأميركيين، فهم متفقون تماماً على حرب الإبادة والقتل وتهجير أهل غزة”

ان كل ما سبق وورد على السنة قادة الحزب المقاوم يؤكد ان اسرائيل باتت على قاب قوسين من تحقيق “هدفها” غير المعلن والذي كشفته محكمة العدل الدولية بقراريها في 26 كانون الثاني وفي 24 أيار من العام 2024، كما يؤكد ما ورد من اداء المحور الممانع وعلى ألسنة قيادييه ان عشرات الاف القتلى ومئات ألاف الجرحى الجرحى وملايين النازحين وخسائر عشرات مليارات الدولارات ليست إلا خسائر جانبية بخسة وزهيدة الثمن، وقد عبّر عن الاستخفاف بها الى حد الإهانة أمين عام الحزب “المنتصر” في اطلالته الأخيرة باعلانه الغاء احتفالات عيد المقاومة والتحرير بسبب “أجواء الحزن التي نتجت عن تحطّم المروحية الايرانية” والتي أودت بحياة 9 أشخاص فقط في حين ان “الابادة الجماعية” التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني والتدمير والقتل الممنهج لقرى الجنوب اللبناني واللبنانيين لم تدفعه او تشجعه على إلغاء تلك الاحتفالات أو إدخال أي تغيير أو تعديل في برامجها ومواقيتها.

في العودة الى كلمة نصرالله الاخيرة في انتصار حرب المساندة عودة الى انتصار حرب الوعد الصادق فكما صرّح نادما “لو كنت أعلم” في 2006 قال متحسّراً في 2024 “نتمنى ان تتوقف الحرب” وهو الذي أطلق شرارتها واستعجل اعلان انتصاره فيها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: