بين شاتيلا وبرج البراجنة.. تبادل تجار "الأبيض"

WhatsApp Image 2025-10-30 at 14.40.18_bdf3d1cf

في تطوّر لافت، أفادت مصادر أمنية بأنّ مجموعة من تجّار المخدّرات الذين كانوا ينشطون داخل مخيم شاتيلا في بيروت فرّوا خلال الأيام الماضية باتجاه مخيم برج البراجنة المجاور، وذلك بعد مداهمة نفذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية داخل المخيم، أسفرت عن إقفال أحد الأبنية التي كانت تُستخدم لترويج المواد المخدّرة وتخزينها.

العملية التي وصفت في الأوساط الفلسطينية بأنها "نوعية"، لم تنه الظاهرة بقدر ما كشفت حجم الترابط بين المخيمات الفلسطينية في العاصمة ومحيطها، إذ لم يحتج الفارّون سوى ساعات قليلة للانتقال إلى برج البراجنة، ما يشير إلى وجود قنوات تنسيق أو تغطية مسبقة سمحت بعبورهم بسهولة، رغم الإجراءات الأمنية المشددة داخل شاتيلا منذ أشهر.

يفصل بين مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة بضعة كيلومترات فقط، لكن الرابط بينهما يتجاوز الجغرافيا، فكلا المخيمين يعتبران من أكثر النقاط حساسية في بيروت، نظراً لتداخل القوى الفلسطينية فيهما مع نفوذ محلي متشعّب يمتد إلى محيط الضاحية الجنوبية، حيث الوجود الأبرز لحزب الله.

تاريخياً، حافظ المخيمان على شكل من أشكال التفاهم الأمني غير المعلن بين الفصائل الفلسطينية و"الحزب"، الذي غالباً ما يتجنّب التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للمخيمات، مقابل التزام ضمني من الفصائل بعدم تهديد الأمن في المناطق المجاورة.

لكن حادثة هروب تجار المخدرات الأخيرة تكشف خللاً في هذا التوازن، إذ بدا واضحاً أن هؤلاء استطاعوا الانتقال من منطقة يفترض أنها تحت رقابة الفصائل إلى أخرى أكثر أمناً بالنسبة إليهم.

ويقول مصدر أمني لبناني لموقع LebTalks إنّ "الظاهرة ليست جديدة، لكن ما يحدث اليوم هو تحوّل نوعي في طريقة إدارة شبكات المخدرات داخل المخيمات". فبحسب المصدر، هناك مجموعات تتوارى تحت ستار الانتماء الفصائلي أو العمل الاجتماعي، لكنها عملياً تشكّل أذرعاً مالية لشبكات تهريب أوسع، بعضها يمتد إلى البقاع وطرابلس وحتى الحدود السورية.

هذه الشبكة، وفق المصدر نفسه، لا يمكن أن تعمل في هذا المستوى من الحركة والتنقّل من دون غطاء سياسي أو أمني، ولو ضمني.

وفي خلفية المشهد، تبرز فرضية تربط بين وجود مجموعات قريبة من حركة "حماس" داخل المخيمات وبين التسهيلات التي يقال إن بعض الفارين تلقّوها في برج البراجنة.

ورغم أنّ "حماس" تُنكر أي علاقة بشبكات المخدرات أو العصابات، إلا أنّ مراقبين يرون أنّ الفوضى الأمنية داخل المخيمات تخدم بطريقة غير مباشرة الفصائل المتحالفة مع محور المقاومة، لأنها تخلق مناطق رمادية لا تخضع للسلطة اللبنانية المباشرة، ما يمنحها هامش حركة أوسع سياسياً وأمنياً.

ومن هنا، يعتبر بعض الخبراء أن الانتقال من شاتيلا إلى برج البراجنة لم يكن مجرد فرار أفراد، بل انعكاس لبنية نفوذ متقاطعة تجمع فصائل فلسطينية قريبة من "حماس" مع مجموعات محلية محسوبة على حزب الله.

اللافت أنّ الدولة اللبنانية، على الرغم من علمها بحجم الأنشطة الخارجة عن القانون في المخيمات، لا تزال تتعاطى مع الملف بحذر مفرط.

فوجود اتفاقات ضمنية تقضي بعدم دخول الجيش إلى داخل المخيمات، وترك الشؤون الأمنية لإدارة الفصائل الفلسطينية، يجعل هذه المناطق عملياً خارج السيطرة المباشرة، ويحوّلها إلى فراغ أمني قابل للاستثمار من أي جهة تمتلك السلاح والنفوذ.

ويحذّر أحد الخبراء الأمنيين من أن تحوّل المخيمات إلى ممرّ آمن لتجار المخدرات أو المجموعات المسلّحة سيقوّض الخطة الأمنية العامة للدولة، خصوصاً في ظل اتساع رقعة الفوضى من الجنوب إلى البقاع، ومن هناك إلى ضواحي بيروت.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: