كتبت صونيا رزق:
بدأ النظام السوري منذ اليوم الاول لبدء الحرب في غزة وجنوب لبنان، بتحييد بلاده عن مسار الصراع وجبهة الإسناد، فغابت كل دروب وحدة الساحات، التي كانت وما زالت شعار حزب الله، اي مشاركة أذرع ايران في المنطقة، فيما جاءت الصورة مغايرة كليّاً فلا إسناد ولا وحدة مسار ولا مَن يحزنون، ليستقر الموقف بكلمات بين الحين والآخر خلت من اي تأييد ومشاركة في تلك الوحدة الوهمية، التي طبّل لها حزب الله وحركة حماس، وغابت معها كل اسس ذلك العنوان، وإكتفت الأذرع ببيانات الصمود والتصدّي فقط.
الى ذلك توالى غياب الإسناد بصمت مدوي من قبل النظام السوري، وإكتفى بإرسال الاسلحة الى لبنان عبر الطرق البقاعية، لتطرح الاسئلة عن سبب غياب مشاركتها العسكرية، خصوصاً حين إغتيل المسؤول العسكري في الحزب فؤاد شكر والقادة الكبار فيه، وصولاً الى عملية “البيجر” في 17 ايلول الماضي، حيث تفاقم بعدها العدوان الاسرائيلي على لبنان، فشنّت الغارات اليومية المتواصلة على الضاحية الجنوبية والجنوب وخصوصاً قرى الحدود، والنبطية وصور وبعلبك وبعض بلدات البقاع الشمالي، حيث سقط مئات الضحايا والجرحى مع دمار هائل غير مسبوق، وصولاً الى إغتيال الامين العام السابق للحزب حسن نصرالله، الذي إنتظر الرئيس السوري ثلاثة أيام لنعيه، الامر الذي أكد تأزم العلاقة وخروجها الى العلن، على الرغم من انّ نصرالله كان قد حيّد النظام السوري من معادلة الرد، تحت حجة واهية مفادها انّ الوضع الاقتصادي في سوريا لا يسمح لها بالمساندة، ومع ذلك ردّت دمشق حينها بمقاطعة التلفزيون السوري الرسمي لخطابات نصرالله.
في الإطار السياسي تلقى الاسد نصائح روسية، تشدّد على ضرورة فصل مساره عن المسار الايراني، لانّ الانخراط في هذه المعركة سترتد عليه وسيكون على خطى حماس وحزب الله، اي سيتلقى تداعيات ذلك بتدمير بلاده. كما وصلته رسائل عربية بضرورة الابتعاد سياسياً وعسكرياً عن طهران، مقابل رفع العقوبات وتعويمه سياسياً ومالياً، لذا يسير الاسد على هذه الدروب من دون ان يلتفت الى الوراء، لانّ المصالح الخاصة تقتضي ذلك، متناسياً مشاركة حزب الله في الحرب السورية، والدفاع عن نظامه لإبقائه في الحكم.
في غضون ذلك يختلف كلام الكواليس عن كواليس الواقع، فالتضييق السوري على “الحزب” بات واضحاً، والتبريرات لم تعد تنفع او تنطلي على أحد، بدءاً من تضاؤل مهمة نقل السلاح من سوريا الى حزب الله عبر البقاع، وعدم استخدام المعابر الشرعية وغير الشرعية في الإمدادات العسكرية، مع إجراءات التضييق على حركة الدخول والخروج، الامر الذي أدى الى إمتعاض حزب الله من هذه الإجراءات، كذلك من عدم القيام بأي عمليات عسكرية من الجنوب السوري، وسط طلب سوريا منذ فترة من بعض الفصائل العراقية الخروج من جنوب بلادها، منعاً لحصول معارك مع إسرائيل ستتخذها ذريعة لقصف المناطق السورية.