يبدو انّ الديبلوماسية لم تعد تنفع ضمن ملفات لبنان خصوصاً العسكرية منها، لانّ الوقت طال وترف التمديد المسرحي الذي يستعين به حزب الله لم يعد ينفع أيضاً، لانّ البهلونيات سقطت بدورها وأسقطت معها كل "المراجل" المزيفة، لذا وبعد إستراحة العيد ستعود الملفات العالقة والشائكة الى الساحة، بعدما أنتجت تهديدات اسرائيلية واميركية بإعادة الاجواء الساخنة الى سماء لبنان.
هذا المشهد التهديدي ُترجم ليل الخميس الماضي بعد شنّ 23 غارة اسرائيلية هزّت ليل العاصمة وأشعلته، إثر إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر بإخلاء مبانٍ في حارة حريك والحدث وبرج البراجنة قبل قصفها، بسبب إستخدامها من قبل حزب الله لتصنيع المسيّرات، كما كاد المشهد يتكرّر امس الاحد في منطقة المريجة، بعدما أبلغت لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الجيش اللبناني، بضرورة الكشف على موقع يحوي أسلحة وذخائر تابعة لحزب الله، فقام الجيش بحفر عمق وصل الى 9 أمتار ولم يجد شيئاً، وتردّد بأنّ عدداً من المناطق ستكون ضمن التهديدات المماثلة.
إزاء ذلك ووفق المعلومات فمناطق الضاحية الجنوبية وُضعت على خط النار من قبل الجيش الاسرائيلي، وبات كل شيء مهدّداً وفق مصدر امني بارز أشار لموقع LebTalks الى أنّ الجيش الاسرائيلي تلقى الضوء الاخضر من الاميركيين، بإطلاق الانذار الاخير قبل الحرب الشرسة والنهائية التي ستشن على الضاحية الجنوبية، في حال لم تنفذ الشروط وأولها تسليم السلاح، لانّ الخطر يقترب واصبح على بعد أيام، ولن يكون للديبلوماسية اي دور بعد اليوم حتى للفرنسيين، الذين يُظهرون تبايناً تجاه الاميركيين حيال ملفات لبنان، ستظهر ملامحه في العلن خلال زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت غداً، من خلال رسالة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمعالجة ملف السلاح مع العهد بالحوار، الذي لم يعد موجوداً في جعبة الحزب على الرغم من ربطه بأمور وملفات اخرى عديدة، منها إعادة الإعمار وعقد مؤتمر اقتصادي لدعم لبنان ومعالجة ازماته المعيشية، مما يؤكد بانّ حزب الله بات يعتمد على تمرير الوقت إعتقاداً منه بأنّ المفاوضات الاميركية – الايرانية ستصل الى تسوية، متناسياً انّ طهران تنظر الى مصالحها الخاصة في المنطقة فقط لا غير.
وعلى خط زيارات الموفدين الدوليين الى لبنان، تترقّب الانظار زيارة الموفد الاميركي توماس باراك مع جعبة مليئة برسائل صارمة بالتهديد بالحرب، التي ستضرب البنى التحتية والمرافق العامة اللبنانية، مع مقترحات جديدة من ضمنها توسيع المواجهة مع الحزب بشكل غير مسبوق، اي لن تكون رسائل فقط الى حزب الله بل الى الدولة اللبنانية، التي بحسب الاميركيين ما زالت تماطل في تنفيذ ما طلب منها.
ومن التباينات أيضاً موضوع التجديد لقوات "اليونيفيل" الذي تصرّ عليه باريس، فيما ترفض واشنطن وتل ابيب ذلك، لكن إتخاذ القرارت الاخيرة يعود بالتأكيد الى واشنطن، خصوصاً بعدما تبلغ لبنان بأن التمديد لقوات حفظ السلام بات شبه مستحيل، بسبب للتطورات التي جرت منذ التمديد الاخير لهم في آب الماضي.
في الختام لا بدّ من الاشارة الى انّ ما يجري من مشاهد متناقضة، يؤكد بأنّ ملف تسليم السلاح اصبح على نار حامية، وعلى الدولة اللبنانية إنهاء هذا الملف الذي يهدّد الوطن برمته، وعليها اولاً ان تقبض بيد من حديد على كل مخازن ومستودعات سلاح حزب الله تفادياً لحرب جديدة مدمّرة، لانّ الغطاء الاميركي بإنهاء هذه المعضلة بحرب اخيرة وُضع على النار، من خلال جدول زمني لنزع سلاح حزب الله مقابل إنسحاب اسرائيل من النقاط الخمس، لذا لم يعد من خيار للحزب سوى هذا الحل وإلا سيكون لبنان امام المخاطر التي لم يشهدها بعد.