Search
Close this search box.

تمييع المسؤولية عن اقتصاد “الكاش”: ضرائب ورسوم “نقداً” والمعالجة تنطلق من الحكومة

Billie dollar. money background

إلى الإليزيه حمل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الشكوى من اقتصاد “الكاش” في لبنان الذي يتعاظم يوماً بعد يوم مهدداً بخروج البلاد من الخارطة المالية ومن الأسواق العالمية، في حال تم تصنيفه ضمن لائحة الدول الرمادية التي يوفر اقتصادها وقطاعها المالي، بيئة ملائمة لتبييض الأموال وتمويل النشاطات الإرهابية.

وتحت عنوان مكافحة هذا الإقتصاد النقدي ووقف التداول بالكاش، طلب ميقاتي من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إدخال مصارف أجنبية إلى لبنان، وذلك في محاولة يصح وصفها بـ”الملتوية”، لتنفيذ مخطط سابق بدأت تتكشف ملامحه منذ تسارع وتيرة الإنهيار في لبنان والذي كان قد بدأ قبل العام 2019.

وفي قراءة أولية لمطالب ميقاتي، تجد أوساط إقتصادية متابعة، إنه من حيث الشكل، يبدو أن ميقاتي فشل في إقرار الإصلاحات المالية وفي اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من التداول بالدولار النقدي في الأسواق اللبنانية، كما عجز عن استكمال خطته لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وفي إيجاد الحلول لأزمة الودائع وبالتالي تنفيذ الشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي لتوقيع برنامج تمويل مع الحكومة.

ومن ضمن هذا السياق فإن الحكومة تطالب بدفع الضرائب نقداً بالدولار أو بالليرة، مع العلم أن المواطن يودع أموالاً بالليرة “فريش” في المصرف حيث أن المصرف يتعهد لأي مودع لدى فتح حساب “فريش” (أي نقداً) بالليرة اللبنانية بتأمين أي مبلغ يطلبه ونقداً.

أما بالنسبة للضرائب بالليرة، فإن الحكومة تطالب المواطن بأن يدفعها نقداً أو كما بات متعارفاً بـ”الفريش ليرة”، وكأن هناك فارقاً بين الليرة سواء كانت “فريش” أو “غير فريش” وبالتالي باتت وزارة المالية، تفرض من جهتها على المواطن اعتماد الـ”كاش” وكأنها المشجع الأول لهذا الإقتصاد والذي يدعو رئيس الحكومة إلى مساعدة لبنان على محاربته، في خطوة تعبر عن “الإنفصام أو التواطؤ على الإقتصاد والليرة والمواطن والمصارف”.

ولكن من حيث المضمون، فإن الأوساط تتساءل حول الهدف من إدخال مصارف جديدة بهدف تخفيف “الكاش”، فيما الدولة نفسها تشجع الإقتصاد النقدي. فهل ما يدعو إليه رئيس الحكومة هو في إطار إنقاذ لبنان أم هو للمشاركة في هذه المصارف، خصوصاً وأن حكومته تفرض إجراءات تساهم بزيادة التداول النقدي، من خلال فرض كل المدفوعات لصالح خزينة الدولة من خلال “الكاش” فقط.

فالمواطن والمؤسسات يدفعون الضرائب والفواتير من خلال الكاش، بدءاً بالرسوم الجمركية وصولاً إلى فواتير الهاتف والكهرباء والمياه وغيرها من ضرائب الدخل والرسوم العقارية وغيرها، والتالي فإن وقف التداول بالكاش ينطلق من الحكومة ومن وزارة المالية بالدرجة الأولى.

وعليه، تكشف هذه الأوساط أن ميقاتي يعمل من أجل تكريس واقع مصرفي جديد، يحتفظ لنفسه وللمنظومة السياسية، حصة “الأسد” أي الحصول على نسبة من النفوذ في القطاع المصرفي، وذلك مع بدء التسوية وانطلاق مرحلة سياسية جديدة في لبنان تبدأ مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.

ومن ضمن هذا السياق، فإن الأوساط تقول إن الحديث عن “إفلاس مصارف لبنان” يستدعي البحث عن مصارف جديدة، ليس دقيقاً وهو تمويه للحقائق، فالمصارف اللبنانية لم تسقط طالما أنها ما زالت تملك أصولاً مالية في مصرف لبنان المركزي وأموالها محتجزة فيه، بمعنى أنها لم تفلس بل هي تواجه أزمة نقص في السيولة، بسبب امتناع “المركزي” عن منح المصارف ما تحتاجه من أموال، مع العلم أنه من الواجب عليه تأمين هذه السيولة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: