"جعجع ثابت".. وأيلول يجدد النداء

IMG-20230904-WA0008

مع بداية شهر أيلول، يعود قداس شهداء المقاومة اللبنانية المسيحية ليشكّل محطة وطنية وسياسية، يتجدّد فيها العهد مع من قدّموا حياتهم دفاعاً عن لبنان الكيان والسيادة.

المناسبة لم تكن يوماً مجرّد فعل وجداني أو طقس روحي، بل تحوّلت عبر السنوات إلى منبر سياسي تُرفع منه المواقف الكبرى التي تحدّد اتجاهات المواجهة في بلد يرزح تحت أزمات السيادة والقرار المستقل.

في كل عام، يحرص رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على أن يجعل من هذه الذكرى حدثاً يتخطّى الطابع الرمزي.

 ففي خطاباته السابقة، رسم معالم مشروع سياسي قائم على استعادة الدولة، ومواجهة كل ما يهدّد كيانها.

عام 2014، رفض بوضوح مشاريع الأمن الذاتي، مؤكداً أن "الدولة وحدها هي الحل، لا السلاح الموازي"، فيما دعا عام 2009 إلى أن يكون حضور القداس بمثابة "تعبئة سياسية سلمية" تعكس ثِقل الرأي العام وتضغط باتجاه قيام حكومة فعلية قادرة.

أما في عام 2017، فقدّم جعجع قراءة جديدة للمقاومة، قائلاً إن "المقاومة اليوم لم تعد بالبندقية، بل بالكلمة والموقف والإرادة"، مشدداً على أن القوات  باقية على نهجها مهما تبدّلت الظروف.

وفي قداس العام الماضي 2024، كانت رسالته أكثر حدّة، إذ اعتبر أن "محور الممانعة يجرّ لبنان إلى حرب عبثية لا أفق لها"، متسائلاً: "من أجاز لحزب الله أن يصادر قرار اللبنانيين وكأن لا دولة ولا حكومة ولا مؤسسات؟".

هذا التدرج في الخطاب يعكس مساراً سياسياً متماسكاً: من مقاومة بالسلاح في زمن الحرب، إلى مقاومة بالكلمة في زمن الدولة، وصولاً إلى مواجهة مفتوحة مع مشروع الهيمنة الذي يمنع قيام الدولة اليوم.

 قداس الشهداء، إذاً، ليس محطة بكائية، بل مناسبة لتجديد الالتزام السياسي والوطني بمشروع الدولة القادرة، وتذكير اللبنانيين بأن دماء الشهداء لا تُحفظ إلا بتمسّك الأحياء بما استشهدوا لأجله.

في زمن الأزمات المتلاحقة، حيث تتهاوى مؤسسات الدولة أمام الفساد والتبعية، يبقى أيلول الشهداء دعوة إلى وقفة ضمير. فالوطن الذي صمد بدماء شبابه لا يحق له أن يُترك رهينة لدويلات وسلاح غير شرعي وقرارات تُصنع خارج حدوده. الوفاء للشهداء، كما يصرّ جعجع في كل خطاباته، لا يكون بالشعارات وحدها، بل بموقف سياسي جريء يعيد القرار إلى المؤسسات، والسيادة إلى الدولة، والحرية إلى اللبنانيين.

في الختام، ماذا ستحمل كلمة جعجع الاحد؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: