كتبت صونيا رزق: لطالما ردّد الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، انه لا يحبّذ وصول العسكر الى بعبدا، لانّ التجارب لم تكن ناجحة، مذكّراً دائماً بولاية الرئيس السابق ميشال عون، لكن وقبل يومين إنقلب الموقف الجنبلاطي بعد اجتماع لـ”اللقاء الديموقراطي” ترأسه جنبلاط الاب، ليعلن تبني ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة، وقد اتى هذا التبني بعد زيارة قام بها الى فرنسا، حيث تلقى همسات بأنّ المرحلة تتطلب وصول قائد الجيش، المدعوم من المجتمع الدولي واللجنة الخماسية، بسبب نجاحه في مهمته العسكرية ولكونه غير محسوب على اي طرف، فوضع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بالاجواء الخارجية، ليبنى على الشيء مقتضاه.
جنبلاط ومن خلال قراءته للاحداث والتطورات، اراد من خلال إفتتاحه الرسمي لتأييد وصول العماد عون الى قصر بعبدا، ان يطلق رسالة الى الفريقين المتصارعين على هوية الرئيس، مفادها “لا للمرشح الاستفزازي من قبل اي فريق”، ولو لم يكن متأكداً من نتيجة موقفه هذا لما أعلنه وبطريقة فجائية، فيما كانت بعض الكتل تدرس مواقفها برويّة، والبعض الاخر وضع امام اعينه الاوراق البيضاء كحل مع سيناريوهات مغايرة، لكن اليوم إختلف المشهد كليّاً، على ان يتوالى تأييد قائد الجيش شيئاً فشيئاً، وفق تسريبات الكواليس.
الى ذلك افيد بأنّ موقف جنبلاط سيفتح الباب قريباً جداً امام كتلة “الاعتدال الوطني” لإعلان دعمها بشكل رسمي لوصول العماد عون، مروراً بعدد من النواب المستقلين، فيما بعض الكتل ستعلن قرارها قبل ساعات من موعد الجلسة الرئاسية في التاسع من كانون الثاني المقبل، اي بعد ان تكون كل المواقف قد تبلورت.
في غضون ذلك يمكن وصف موقف جنبلاط بالشجاع، لانه اراد تعبيد الطريق الرئاسي، فيما غيره يلازم الصمت وينتظر خطوات الآخرين، في ظل تراجع حظوظ بعض المرشحين الى مستويات ضئيلة جداً، وإتجاه العماد عون نحو الصدارة، وسط معلومات بأنّ مهمة جنبلاط من الآن فصاعداً ستقتصر على إقناع حلفائه بالتصويت لقائد الجيش، لانه الوحيد القادر على جمع التوافق بنسبة كبيرة.
هذا الموقف قوبل بصمت من قبل الفريق الممانع المربك في توقيت صعب جداً، فيما الردّ السلبي اتى من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي يستعين بالوتر الطائفي تحت حجة حقوق المسيحيين والنغمة المتكرّرة، قائلاً: “مش جنبلاط يللي بيرشح عن المسيحيين”، اي لا يحق لجنبلاط ان يعلن إسم الرئيس المسيحي، فيما كان من المفترض بباسيل الخائف على الموقع الاول كما يردّد دائماً، ان يسير مع الافرقاء المسيحيين ويتفق الجميع على توحيد الكلمة، خصوصاً في الاستحقاقات الهامة وفي طليعتها الملف الرئاسي الذي يعني المسيحيين اولاً، لا ان يترك فتح الدروب لأفرقاء آخرين.