حالات الانتحار الى ارتفاع.. والصحة النفسية في المدارس "بروباغاندا"

1617665334blobid0

في وطنٍ أثقلته الأزمات اليومية، تنضم أزمة أخرى إلى قائمة ما نكاد نتحمّله: أزمة الصحة النفسية لدى الشباب والمراهقين. لطالما كانت هذه المسألة مهمَلة، تقف في هامش أولويات الأهل، المدارس، والمجتمع، وكأن الألم النفسي لا يُحتسب، أو لا يُؤخذ على محمل الجد.

شبابٌ يعبرون مراحل دقيقة من حياتهم بصمتٍ موجع، مثقلين بأفكار ومشاعر لا يجدون من يصغي إليها. واليوم، ندفع ثمن هذا الإهمال جهلاً وألماً، بخسارة أرواحٍ اختارت الرحيل بصمت، تحت دوافع لا يعرفها إلا من عاشها.

كريستوفر أبو شديد ابن الـ17 عاماً، هو أحد ضحايا أزمات لبنان والحياة، وأبرزها "حتى اليوم".

نعم، أشدد على كلمة "حتى اليوم" لأن وبالرغم من كل حالات الانتحار عند الشباب والتي سبقت كريستوفر، ومع مرور اليوم العالمي للصحة النفسية الذي صودف في 10 تشرين الأول، لا شيء تغير، لا في القوانين التي يجب أن تفرض على المدارس والجامعات لتوفير معالج نفسي لكل الطلاب، ولا حتى من ناحية الوعي الاجتماعي حول أهمية هذا الموضوع.

في هذا الاطار تقول المعالجة النفسية نور عيد في حديث لـ"LebTalks": "عملية الانتحار لا تطبق فوراً بل تأخذ وقتأ للتفكير والتخطيط، وأثبتت الدراسات أن طريقة الانتحار تختلف بين الذكور والاناث، حيث تكون طريقة وأدوات الانتحار أعنف عند الذكور لكونهم أجرأ في استعمال أدوات حادة أو السقوت من طابق عال وغيرها، الا أن الاناث في أغلب الحالات يلجأن الى استخدام جرعة عالية من دواء أو سمّ معيّن".

"اللائحة تطول بالاسماء وقصص الانتحار التي تحدث يومياً خلف الجدران لكن المجتمع لا يسمع بها، ويعود السبب في ذلك الى العقلية التي يفكر بها بعض الأشخاص حيث يعتبرون أن الانتحار عار ووصف المنتحر بالمريض النفسي إهانة ومذلّة"، على حد تعبير عيد.

وبحسب عيد، "فدور الاهل في الوقاية من الانتحار تبدأ قبل انجاب الأطفال، ومن خلال تثقيف الذات حول فهم أولادهم وكيفية التعامل مع مشاعرهم ومراحل أعمارهم".

وركزت عيد على "الإشارات التي يجب أن ينتبه اليها الاهل ومنها الحديث المتكرر عن الموت والانتحار والفراق، أو الانعزال الدائم عن العائلة والأصدقاء والمجتمع، بالإضافة الى لجوء الشخص الى التحضير المسيق لأدوات الانتحار كالمواد الحادة، وتوديع الاهل بطريقة غير مباشرة، كلها إشارات مبكرة يجب الانتباه اليها لتجنب القيام بعملية الانتحار".

كما ترى عيد أن "الدعم النفسي في المدارس يكون في الأغلب مجرد "بروباغاندا" تخدم اسم وصورة المدرسة، أما في الحقيقة فالمتنمر الأول في المدارس هو المعلمة أو الاستاذ".

اليوم لا يزال المجتمع ينظر الى الصحة النفسية كوصمة عار، وليس كقضية إنسانية تحتاج إلى وعيٍ وتعاطف، كما ولم تكن يوماً ترفاً أو خياراً، بل هي دائماً حقٌ وواجب.

وكريستوفر لم يكن مجرّد شاب فقد حياته، بل أصبح رمزاً لمعاناة كثيرين يعيشون خلف الابتسامات الزائفة، يصارعون أعباء نفسية لا يراها أحد.

ولأن الحياة التي تُنقذ اليوم، قد تكون حياة ابنك، أخيك، أو حتى حياتك أنت.. تكلّم.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: