حزب الله بين الأمسِ واليوم

HEZEBB

كتب الدكتور شربل عازار:

١- في مسيرة صعوده،  إستطاع "حزب الله" أن يُقنِع فئة مِن اللبنانيّين أنّه بِفعلِ مقاومته خرجت إسرائيل من جنوب لبنان في العام ٢٠٠٠.

تبنّت "الدولة" حينذاك هذه السَرديّة وعَيَّنَت تاريخ ٢٥ أيار من كلّ عام كعيد "للمقاومة والتحرير"، وبذلك نكون قد انتهينا من موضوع "الاحتلال الإسرائيلي" واستردّينا أرضنا المحتلة.

(طبعاً بعد العام ٢٠٠٠ وحصول "التحرير" لم يَعُد هناك من عذرٍ لبقاء "المقاومة" وسلاح المقاومة.

 علماً أنّ هذا السلاح كان يجب أن يكون في عهدة الدولة منذ اتفاق الطائف في العام ١٩٨٩ كما سلاح باقي اللبنانيّين).

٢- في حرب تموز ٢٠٠٦ التي اندلَعَت جرّاء عمليّة عسكريّة قام بها "حزب الله" بِهَدَف قتلِ وخَطف جنود إسرائيليين مِن قلب إسرائيل، هذه الحرب التي دمّر العدوّ فيها عشرات القرى والبلدات في جنوب لبنان، ودَمَّرَ مئات الأبنيّة في الضاحية الجنوبيّة، ولولا مساعدات دول الخليج لكان الركام لا يزال يغطي المكان حتى اليوم،

في حرب تموز ٢٠٠٦ هذه، خرج  السيّد حسن نصرالله ليقول أمام الملأ، "لو كنت أعلم حجم ردّة فعل إسرائيل لما أقدَمت على ما أقدَمت عليه". لكنّ السيّد نصرالله أعلن في الوقت عينه  "الانتصار الإلهي" على الشيطان الأصغر إسرائيل وعلى الشيطان الأكبر أمريكا.

٣- ومنذ تموز ٢٠٠٦ حتى ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ تاريخ عملية "الطوفان الأقصى" التي قامت بها "حماس" في غزّة، وعلى مدى ١٧ سنة، أمضينا الوقت نسمع عن البطولات الخارقة "للمقاومة" وعن قدرات "حزب الله" الّلا محدودة.

وكان السيّد حسن نصرالله مُقنِعاً للكثيرين حين كان يتكلّم عن "مئة ألف مقاتل ومئة وخمسين ألف صاروخ"، وعن قدرة "المقاومين" على "نقل الجبال من مكانها لو أرادوا ذلك"، وعن أنّ إسرائيل "أَوهَن من بيت العنكبوت"،

وكنّا نَسمَع عن "كبسة الزرّ" التي ستمحو إسرائيل عن وجه الأرض في "سبعة دقائق ونصف"، وعن أَنّ "المقاومة" هي التي تحمي لبنان، وعن أنّه سيأتي اليوم الذي سَتُفاجِئ فيه "المقاومة" إسرائيل "باقتحام الجليل"، ونسمع عن القدرة على تدمير "ما بعد بعد حيفا"، وعن أنّ كلّ صاروخ سيستهدف بناءً سندّمر مكانه أبنية في تل أبيب، وعن أنّ مفاعل "ديمونا" النووي ومطار "بن غوريون" وحقل "كاريش" النفطي هم في متناول صواريخنا ومسيّراتنا، وكنّا نسمع عن وعن الكثير من البطولات والقدرات والخوارق التي سَتُذهِل إسرائيل وأمريكا والعالم.

٤- وتحت وَهج هذه العناوين والخطابات والشعارات كانت المرافئ والمرافق والمطار والمعابر الشرعيّة وغير الشرعيّة كلّها في تصرّف "المقاومة" وأبناء "المقاومة" وبيئة "المقاومة"، فلا احد يَسألهم ولا يُسائلهم ولا  يُناقشهم ولا أحد يُفتّشهم أو يَعترضهم، حتى أنّ هناك من رجال الدين مَن كان يُصَرّح على المنابر أنّ صناعة وتجارة وتهريب المخدّرات وتصديرها هو أمرٌ مشروع لدعم مجهود "المقاومة".

٥- وكانت الرئاسات والحكومات والوزارات والنيابات والإدارات والمراكز والمناصب والمواقع والمنافع رهن إشارة "المقاومة" وسيّد "المقاومة" ومُرشِد "المقاومة".

٦- كلّ ذلك زال واختفى حين دَخَل أو أُدخِلَ "حزب الله" بأمرٍ إيرانيٍّ في حرب "إسناد غزّة" في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣. فَحَصَل ما حَصَل من أمورٍ لم تكن لتخطر على بال ولم تكن في الحسبان ولا حتى في الخيال.

 فَمِن عملية تفجير "البيجرز" الى عملية تفجير "التوكي ووكي" الى اغتيال قادة الصفّ الأول والثاني والثالث في "حزب الله" وصولاً الى التجرّؤ على استهداف الأمين العام "التاريخي" للحزب السيّد حسن نصرالله وكذلك استهداف خليفته السيّد هاشم صفيّ الدين وصولاً الى ضَربِ المفاعلات النوويّة في إيران بعد تصفية خيرة العلماء والقيادات الإيرانيّة دفعة واحدة،  فيما الملايين كانوا يتابعون هذه "الأعاصير" لحظة بلحظة بمشاهد حيّة على شاشات التلفزة وكأنّنا في صالة سينما نشاهد فيلم "حرب النجوم".

٧- اليوم ومِن سوء حظّ الشيخ نعيم قاسم وباقي الشيوخ وكلّ الناطقين بِاسم "حزب الله" وبِاسم "المقاومة" وبِاسم المحور الإيراني، مِن ولايتي الى لاريجاني،

من سوء حظّهم أنّ كلامهم اليوم لم يعد مُقنِعاً لأحدٍ حتى "لبيئتهم الحاضنة".

ولم يَعُد من المُفيد للشيخ نعيم قاسم الاستعانة بالملائكة في حربه ضدّ الشياطين، ولم يَعُد أحد يوافقه الرأي عندما يقول ساخراً، "لِسَّه بتحكوني بإسرائيل، ما خَلَصنَا مِنها مِن زمان"، ولا أحد يعتقد مع الشيخ نعيم قاسم أنّ نتنياهو "مَيِّت رعبة" فيما هو يُعَربِد ليلَ نهار بطائراته ومسيّراته على مساحة الشرق الأوسط بأكمله، مِن غزّة الى لبنان واليمن والعراق وإيران وسوريا. سوريا التي تعلن وكالة أنبائها الرسميّة "سانا"  بشكل طبيعي وبديهي عن تكرار اللقاءات بين وزراء وأمنيّين إسرائيليين ونظرائهم السوريّين في باريس وفي أماكن عدّة أخرى من أجل عقد اتفاقات أَمنيّة وغير أَمنيّة بينهما. وهذا ما أكّده الرئيس أحمد الشرع البارحة أمام رؤساء الوسائل الإعلاميّة العربيّة عندما تحدّث عن قرب حصول الاتفاقات مع إسرائيل.

٨- كما لم تكن "ممتازة" "مُعَلَّقَة" المفتي "الممتاز" في تطاوله على البطريرك الراعي حين قال: "إنّ سلاح "حركة أمل" وسلاح "حزب الله" هو سلاح الله"!!

 أَهذا كفرٌ أم جنونُ عظمة أم هَذَيَان؟

 ٩- فَهَل يُعقَل أنّ يُقال أنّ "الله" بحاجة الى "سلاح البشر" للدفاع عنه؟

الله الذي "رَفَعَ السماء بِغَيرِ عَمَدِ"،

 الله خالق الأكوان والمجرّات وكلّ ما فيها وما عليها، الله خالق آدم وحوّاء والبشريّة جمعاء بنَفخَةٍ في "كَمشِة تراب"، هل هو بحاجة "لسلاح البشر" للدفاع عنه "والبشر" زائلون والى التراب عائدون وهو الخالد الأزليّ السرمديّ؟

كم نحن "نَكِرَة" أمام الباري تعالى.

١٠- رحمةً بلبنان و"ببيئتِكم" إقلعوا عن النكران، وعودوا الى كلمة سواء، وأَنزِلوا جمهورَكم عن شجرة الأوهام والأحلام ليعيشوا بالمساواة بسلام، مع شركائهم وأخوتهم في الوطن، فاللّوذُ تحت جناحي "الدولة" هو الطريق الوحيد للخلاص،

 وغير ذلك فهو انتحار.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: