على مسافة سنة من الإنتخابات النيابية تبرز إلى الواجهة مجدداً مسألة اقتراع المغتربين وتأثيرهم في تكوين المجلس النيابي المقبل والإتجاه الذي سيسلكه لبنان.
لقد كان خطأ جسيماً من بعض القوى السياسية أن وافقت عند إقرار قانون الإنتخابات النيابية في العام ٢٠١٨ على تخصيص ستة نواب للمغتربين فيحصر اقتراع هؤلاء بهم ما يجعل مئات الاف من اللبنانيين في الإغتراب والذين قد يشاركون في التصويت خارج دائرة التأثير في الأوضاع اللبنانية وكأن بعض القوى السياسية تريد تحييدهم عن هذا التأثير لأن نتائج تصويتهم لن تكون في صالحهم أو صالح حلفائهم وقد ارتفع منسوب هذا التوجه في ظل التطورات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة ولا سيما لبنان وسوريا بحيث تقلص النفوذ الإيراني وضربت أذرعه وبالتالي أصبح حزب الله وحلفاؤه من حركة أمل والتيار الوطني الحر يخشون بقوة من تصويت المغتربين لا سيما وأن من صوت منهم لقوى التغيير في العام ٢٠٢٢ قد يعيد النظر في خياراته ليذهب بصوته إلى القوى السيادية ومعارضي حزب الله ما قد يمنح هؤلاء المزيد من المقاعد النيابية.
يحاول ٥٥ نائبا اليوم ان يعدلوا مجدداً قانون الإنتخابات النيابية لجهة أن يقترع المغتربون وفق الدوائر الإنتخابية التي ينتمون إليها، وفي المقابل يقف حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر في مواجهة هؤلاء على خلفيات سياسية وغير سياسية، وتتحدث بعض المعلومات عن مطالب وشروط قد تكون مطروحة لدى ثنائي أمل حزب الله للسير بالتعديل ومن ضمنها اعتماد صوتين تفضليين، بينما ينقل البعض عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله بأنه لن يؤيد هذا التعديل، ففي العام ٢٠٢٢ صوت إلى جانبه لأن هناك من أقنعه أنه سيؤدي إلى إضعاف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ولكن الأمر لم يحصل.
إن النواب الموقعين على العريضة المتعلقة بمنح المغتربين حق الإقتراع من حيث هم وفق الدوائر الإنتخابية التي ينتمون إليها والقوى السياسية التي ينتمون إليها، مطالبون ببدء معركة شرسة منذ اليوم في هذه المسألة تعتمد على تحركات داخلية وخارجية وفي مقدمها تجييش اللبنانيين المقيمين في الخارج للقيام بتحركات وإعلان مواقف تطالب بأن يكون تصويتهم من حيث هم على مستوى لبنان وأن لا يقبلوا التهميش المتعمد وحصر تمثيلهم بـ٦ نواب لا أحد يعلم حتى اليوم ما هو دورهم وما هي الفائدة السياسة من وجودهم في ظل الحاجة في المجلس النيابي إلى كل نائب منتخب بإرادة الناخبين وليس وفق محاصصة وإغراءات مالية وغيرها.
إن كسب قضية تصويت الإغتراب في القانون هي الخطوة الأولى على طريق الفوز بالإنتخابات والمساهمة بقوة في قطع الطريق على القوى السياسية التي تريد للبنان أن يبقى ساحة صراع، وأن كل خطوة بخلاف ذلك تعتبر منح قوى التعطيل والممانعة ورقة قد تستخدمها لإطالة أمد بقاء لبنان في تداعيات محور الممانعة.