لا شك في أنّ العهد يطلق رسائل في كل الاتجاهات للتأكيد انه يسير على الخطوط المستقيمة، التي رسمها في خطاب القسم والبيان الوزاري، ونالت ثقة المجتمع الدولي الذي ينتظر بدوره التنفيذ وتحقيق الاصلاحات، بدءاً بالملف الشائك اي سحب السلاح غير الشرعي وإحتكار الدولة للسلاح.
هذا الملف الشائِك الذي يتصدّر بنود اتفاق الطائف، تحقّق قسم منه مع انتزاع سلاح الميليشيات اللبنانية، باستثناء حزب الله تحت ذريعة “السلاح المقاوم ضدّ إسرائيل”، كما بقي السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها، واستُخدم في الكثير من المحطات ضد اللبنانيين، وخلال معارك داخلية بين الفلسطينيين، الى ان سُحب من خارج المخيمات، اي من المراكز التابعة لها في كانون الاول الماضي، بالتزامن مع سقوط النظام السوري.
من هذا المنطق برز التحذير الذي وجهته الحكومة اللبنانية لحركة “حماس”، بناءً على التوصية التي صدرت عن اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، الذي أطلق تحذيراً غير مسبوق للحركة، من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي عمل يمسّ بالأمن القومي، وإلا سيتم اتخاذ أقصى التدابير والإجراءات لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية، مع ضرورة التقيّد بشروط الإقامة للاجئين، واحترام القوانين اللبنانية وتسليم المتهمين الأربعة بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان.
وعلى ما يبدو فهمت “حماس” التحذير، فسارعت الى تسليم الجيش اللبناني أمس احد المشبوهين في إطلاق الصواريخ في آذار الماضي، على ان تسلّم الثلاثة الاخرين قريباً جداً، وفي هذا الاطار أوضح الجيش في بيان، أن تسليم المطلوب الأول أتى نتيجة سلسلة اتصالات أجرتها مديرية المخابرات والمديرية العامة للأمن العام مع “حماس”.
الى ذلك أتت هذه الحلحلة بالتزامن مع الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى بيروت في 21 أيار الجاري، والتي بُحثت عناوينها مع الرئيس جوزاف عون على هامش مؤتمر القاهرة الاخير، فكان تجاوباً من ابو مازن بأنّ ضبط المخيمات الفلسطينية ونزع السلاح من مسؤولية الدولة اللبنانية.
في غضون ذلك، ستبحث الزيارة كيفية التعاطي مع هذا الملف، وضرورة إنهائه كي تستعيد الدولة اللبنانية هيبتها وسلطتها، وسيُطلب من الرئيس عباس في المقابل ترتيب البيت الفلسطيني في لبنان، لإيجاد الحلول لملفّ المخيمات بصورة نهائية. وأفيد بأنّ ضمانات عربية قيد التحضير ستعطى للبنان لتنفيذ هذه المهمة، لانّ الملف وُضع على السكة ضمن أجندة المنطقة كحلّ للبنان، بعد عقود طويلة من الزمن دفع خلالها الأثمان الباهظة عن كل الدول العربية، وما زال يدفع حتى اليوم.
لكن تبقى لمخيم عين الحلوة وضعية مختلفة، بسبب ما يحوي من تنظيمات إرهابية وتيارات سلفية وفصائل فلسطينية، ما يعكس الصراع والاقتتال الداخلي الذي يحدث كل فترة، كما يحوي العديد من المطلوبين والفارّين من وجه العدالة، الامر الذي يُعيق إجراء العملية ويُبعد توقيتها الى ما بعد الانتهاء من الوضع الجنوبي اللبناني، وفق معلومات من مصدر عسكري.