أنطوان سلمون
على الرغم من مرور أكثر من اسبوع على موافقة مجلس الوزراء على اتفاق وقف اطلاق النار ما زالت التوقعات بشأنه متناقضة بين متفائل ومتشائم وواقعي وواهم والقراءات له مختلفة بين قارئ مدعي بالانتصار مبقياً على مقاومته وسلاحها وآخر واقعي قارئاً لبنودها والتي تتخطى الجنوب وجنوب الليطاني بسطا لسلطة الجيش على كامل الاراضي اللبنانية ونزعا لسلاح الحزب وتفكيك قواعد وترسانة الحزب ووقف الامداد وقطع طرقه براً بحراً وجواً.
لا شك ان القراءة الثانية الموضوعية حتمتها البنود الواضحة والجلية من مقدمة الاتفاق الى نصه وخاتمته وروحه.
على الرغم كل ما قيل ويقال من المحور “المتوجس” من الاتفاق وهو المحور الذي اعلن “الانتصار” على اساس بنوده، من المفيد التذكير بدور رئيس مجلس النواب وحركة امل في المفاوضة المفوضة من الحزب وفي الموافقة الموثقة بتوقيع وزراء امل والحزب والحلفاء على بنود “نزع السلاح” في جلسة مجلس الوزراء تاريخ 27 تشرين الثاني 2024.
تفاجأ الكثيرون من قراءة بعض قياديي الحزب ونوابه بعد الموافقة والتوقيع على الاتفاق كما تفاجأ الجميع بقراءة بعض الحركيين المماثلة المتماثلة مع قراءة الحزب وكان اخرها ما قالته النائب في حركة امل في كتلة التنمية والتحرير عناية عز الدين تاريخ 4 كانون الاول 2024 اذ قالت مشككة بالاتفاق وبالموافقين: “عند البحث عن نزع سلاح حزب الله يجب أن نسأل كيف نحمي لبنان؟” متناسية ان الاتفاق “بحث” في صيغة الماضي “نزع سلاح حزب الله” وأجاب على سؤالها عن حماية لبنان، اذ يقول النص في الاتفاق “تعكس هذه التفاهمات الخطوات التي تلتزم بها “إسرائيل” ولبنان من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 بالكامل، مع الاعتراف بأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 يدعو أيضًا إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة له، بما في ذلك “نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل الأسلحة في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية (LAF)، وقوى الأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة، والجمارك اللبنانية، والشرطة البلدية (المشار إليها في ما يلي باسم “القوات العسكرية والأمنية الرسمية في لبنان”)… فإن القوات العسكرية والأمنية اللبنانية الرسمية والبنية الأساسية والأسلحة ستكون المجموعات المسلحة والأسلحة والمواد ذات الصلة الوحيدة المنتشرة في منطقة جنوب الليطاني المبينة في خطة انتشار القوات المسلحة اللبنانية المرفقة (المشار إليها فيما يلي باسم “منطقة جنوب الليطاني”)… وبهدف منع إعادة تأسيس وإعادة تسليح الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة في لبنان، فإن أي مبيعات أو توريد للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى لبنان سوف يتم تنظيمها ومراقبتها من قبل حكومة لبنان.
بالإضافة إلى ذلك، سوف يتم تنظيم ومراقبة جميع إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة داخل لبنان من قبل حكومة لبنان”، بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك كل المنشآت غير المرخصة القائمة والتي تعمل في إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة، ومنع إنشاء مثل هذه المنشآت في المستقبل، بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك كافة البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة كل الأسلحة غير المرخص بها والتي تتعارض مع هذه الالتزامات، ستعمل الآلية مع لجنة التدريب العسكرية اللبنانية لتعزيز قدرات وتدريب القوات المسلحة اللبنانية على تفتيش وتفكيك المواقع والبنية التحتية غير المصرح بها، فوق الأرض وتحتها، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، ومنع وجود الجماعات المسلحة غير المصرح بها… ينشر لبنان قواته العسكرية والأمنية الرسمية على جميع الحدود، وعلى جميع المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية المنظمة وغير المنظمة”.
بالإضافة الى وضوح الرد من نص الاتفاق على سؤل النائب في كتلة التنمية والتحرير والذي اولاه رئيس الكتلة نبيه بري “عنايته” من التفاوض الى الموافقة والالتزام بالتوقيع، نلفت عناية النائب في الكتلة التي يرأسها رئيس حركة امل، الى وضوح اكثر جلاءً من النصوص وهو في ما شهده اللبنانيون وشاهدوه وشهدوا عليه من سقوط لسردية “سلاح الحزب الذي يحمي” موثقاً باحتلال اسرائيلي لأجزاء من الجنوب ننتظر انسحابه وتدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية ننتظر اعادة اعمارها وسقوط آلاف القتلى والجرحى ننتظر دفنهم وشفاءهم وخسائر اقتصادية بالمليارات ننتظر تعويضها وغيرها مما لم يستطع الحزب تلافيه ولا منعه ولا ردعه ولا حمايته.
لعل يكون ما فصّلنا ووثقنا جواباً شافياً لسؤال سعادة النائب في كتلة حركة امل ويكون الاتفاق عودة الى لبنان بعد طول غربة عاشها الجنوب والبقاع والضاحية واخراجا للبنان من “العناية” الفائقة حيث وضعه الحزب وسلاحه فيها.