انها ذكرى الحقيقة الساطعة التي أدت الى نجاة لبنان من جريمة ملفقة بشعة غير مسبوقة، “مفبركة” من جهة سياسية – أمنية معروفة تحكّمت باللبنانيين بالتسعينات، وأرادت إنهاء حزب “القوات اللبنانية” ورئيسه الدكتور سمير جعجع وإزاحته من المعادلة، لكن لا يصح إلا الصحيح، لذا لم تنفع طريقتهم فظهرت حقيقة هؤلاء الذين خططوا لتفجير كنيسة سيدة النجاة بدم بارد، ولم يردعهم مذبح الرب وبيته الالهي، فحوّلوه الى مكان للتفجير، فذهل العالم بأجمعه من جريمة ارادوها في ذلك المكان المقدس، لكن لا شك انّ القوة الالهية كانت وما زالت حاضرة لتكشف الحقيقة …
27 شباط 1994 تاريخ أليم لا يمكن للمسيحيين ان ينسوه، اذ شكّل تفجير كنيسة سيدة النجاة في منطقة زوق مكايل، حدثاً مؤلماً غير مسبوق في تاريخ لبنان، حيث انفجرت قنبلة تحت المذبح بينما كان المصلّون يتناولون القربان المقدس من يد الكاهن، كما عُثر على خمس قنابل أخرى، فكان الاتهام الفوري لحزب لطالما دافع عن الكنيسة والمسيحيين ولبنان، والهدف كان حل حزب “القوات اللبنانية” تحت عنوان تفجير كنيسة، وتحديداً في قلب عاصمة الموارنة كسروان، للقضاء على المقاومة المسيحية – اللبنانية ورئيسها، وإدخاله السجن من دون اي امل بالخروج منه.
هذا التفجير أسفر عن سقوط احد عشر شهيداً والعديد من الجرحى، مع دمار كبير للكنيسة، فتحقق الهدف ووُجهت السلطة حينها أصابع الاتهام الى قائد “القوات” لإدخاله السجن وإخراجه من الحياة السياسية نهائياً، فإعتقل العديد من المسؤولين القواتيين، واوقف جرجس الخوري متهماً اساسياً في المذبحة، واجريت سلسلة المحاكمات المعروفة، فسجّل النظام الامني السوري- اللبناني حينها إنتصاراً وهمياً، بمشاركة ودعم افرقاء لبنانيين تابعين للنظام السوري، وبدورها وجهّت المعارضة اللبنانية أصابع الاتهام الى جهاز الأمن السوري- اللبناني المشترك، خلال حقبة الاحتلال الذي كان الآمر الناهي في لبنان.
الى ذلك قضى الدكتور جعجع الذي اتُهم بالتفجير وبجرائم اخرى 11 عاماً في السجن الانفرادي، وهو بدوره اتهم ذلك الجهاز المشترك بالتفجير، فكان المدافع الاكبر عن نفسه في جلسات المحاكمة. لكن بعد سنتين و4 اشهر صدر الحكم وتحديداً في 13 تموز 1996، فلفظه اعلى مرجع قضائي في لبنان باسم الشعب اللبناني معلناً براءة جعجع من جرم تفجير كنيسة سيدة النجاة، الامر الذي وضع حينها السلطة في موقف حرج فبانت الاهداف، فيما عادت الثقة بـ”الحكيم” من قبل بعض مَن ظنوا به، كما أطاح بأحلام أطراف كثر ارادوا إنهاء مسيرة طويلة جداً من النضال والمقاومة، لكن الكلمة الابرز كانت لكنيسة سيدة النجاة التي اطلقت حكم البراءة… فكانت الشاهد الاول للحقيقة.