حين تتعثّر القضية.. 6 سنوات على ثورة 17 تشرين

هل تعود ثورة 17 تشرين بقوة مع عصيان مدني؟

ستة  أعوام مرّت على اندلاع ثورة 17 تشرين، الحدث الذي شكّل علامة فارقة في مسار لبنان السياسي. يومها، خرج اللبنانيون من كل الطوائف والمناطق إلى الشوارع رفضاً للفساد واحتكار السلطة، مطالبين بإسقاط الطبقة السياسية التي تحكمهم منذ نهاية الحرب الأهلية. كان المشهد مهيباً، والأمل بالتغيير أكبر من أي وقت مضى.

لكنّ ما بدا في البداية انتفاضة شعبية واعدة، تحوّل سريعاً إلى فوضى سياسية، لتصبح الثورة نفسها، ولو جزئياً، أحد الأسباب التي سرّعت الانقسامات والصراعات داخل النظام السياسي اللبناني.

منذ الأيام الأولى للتحرّكات، ظهرت هشاشة مؤسسات الدولة، وبرزت الحاجة إلى إصلاحات بنيوية في إدارة السلطة والسياسات العامة. غياب الاستقرار، والشلل الحكومي المتكرر، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة السياسية التي كانت تتراكم بصمت قبل 17 تشرين.

إلى جانب الجانب السياسي، أظهرت الثورة عجزاً بنيوياً، فالمحتجون لم يمتلكوا قيادة موحّدة، ولا برنامجاً واضحاً. سرعان ما تسلّلت الانقسامات الحزبية والطائفية إلى صفوفهم، وانقسم الشارع بين مجموعات متنافسة، فيما استعاد النظام التقليدي زمام المبادرة. ومع غياب التنظيم، تحوّل الزخم الشعبي إلى حالة من الإحباط، تُرجمت لاحقاً بانكفاء الناس عن المشاركة السياسية، وعودة القوى نفسها إلى الحكم بوجوه جديدة.

اليوم، وبعد مرور ست سنوات، يصعب الحديث عن إنجاز حقيقي لثورة 17 تشرين. لا إصلاحات، لا محاسبة، ولا تغيير فعلي في بنية السلطة. وحدها الشعارات بقيت، فيما تحوّل الحلم بالتغيير إلى عبء سياسي زاد من تعقيد المشهد اللبناني، في ظل استمرار الأزمات والانقسامات السياسية التي نراها اليوم على الأرض.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أنّ الثورة كانت لحظة وعي جماعي كسرت حاجز الخوف، وفضحت المنظومة أمام الرأي العام المحلي والدولي. لكنها، في ميزان النتائج، فشلت في التحوّل إلى مشروع وطني متكامل، أو قوة ضغط قادرة على فرض الإصلاح.

إنّ قراءة ثورة 17 تشرين اليوم لا يجب أن تكون عاطفية. فكما أنّها عبّرت عن غضب مشروع، فقد كشفت أيضاً هشاشة الدولة والمجتمع في آن. إنها ثورة فاشلة في نتائجها، لكنها ناجحة في رسالتها، ألا استقرار بلا عدالة، ولا إصلاح بلا مساءلة، ولا تغيير بلا رؤية واضحة لما بعد الشارع. ولا تزال هذه الرسالة صالحة اليوم، خصوصاً في ظل عهد جديد وسلطة جديدة، التي تميّزت بالجدية والالتزام بإصلاح مؤسسات الدولة وتعزيز المشاركة السياسية، ما يمنح اللبنانيين بارقة أمل حقيقية بأن التغيير ممكن، وأن المستقبل السياسي يمكن أن يكون أكثر شفافية وعدالة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: