في واحدة من أكثر التصريحات التي تجمع بين التناقض والتعالي، خرج رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ليبشر اللبنانيين بأن حرب الإسناد كانت من أصوب القرارات، مشيراً إلى أن هذا هو النموذج الذي يطمح إليه، سواء في العلاقة مع السعودية أو غيرها من دول المنطقة.
ولأن الذاكرة اللبنانية مثقلة بما يكفي من قرارات صائبة على شاكلة تلك الحرب، فإن تصريح رعد جاء كمن يلقي محاضرة عن السلام وفي يده بندقية.
أغرب ما في المشهد أن من يتحدث عن الانفتاح هو رأس حربة المشروع الذي أقفل البلد على مدى سنوات، سياسياً واقتصادياً، من أجل حسابات إقليمية لا تمت للبنان بصلة، وجعل من الوطن منصة تطلق منها الرسائل النارية لدول الجوار تحت شعار "الواجب الجهادي".
ويقول مسؤول سياسي سيادي لموقع Lebtalks إن "كلام رعد يعكس محاولة لتسويق خطاب سياسي جديد يوحي بالانفتاح، لكنه لا يتضمن أي اعتراف أو مراجعة، بل ينكر ببساطة أن حرب الإسناد جلبت الكوارث للبنان، من العزلة العربية إلى الانهيار الاقتصادي، وصولاً إلى ضرب ما تبقى من هيبة الدولة".
ويتابع: "فيما الثابت الوحيد في هذا الجدل العبثي هو أن لا حوار مع من لا يعترف بالدولة، ولا شراكة مع من لا يلتزم بالدستور، ولا مستقبل سياسي لميليشيا لا تزال تحتفظ بسلاحها وتشهره في وجه كل مخالف لرأيها".
ويضيف: "لن تكون هناك علاقات طبيعية، لا داخلية ولا عربية، طالما هناك من يضع نفسه فوق القانون، ويريد أن يملي على الآخرين شكل الدولة وشروط السلام، بينما يبقي على أدوات الحرب مشرعة وجاهزة".
ويختم المسؤول عينه: "إذا كان الحزب جاداً في الاندماج الوطني، فالطريق معروف، وضع السلاح جانباً، والانخراط في اللعبة السياسية تحت مظلة الدستور، وليس عبر التفاف دائم على الدولة، وتوظيف مؤسساتها غطاء لمشروع مواز".
لا يمكن بناء دولة بميليشيا، ولا يمكن تصديق أي انفتاح لا يبدأ من احترام الدولة وقراراتها السيادية، ما لم يقرر "الحزب" أن يتحول إلى حزب سياسي لا إلى ثكنة.