خطاب الشيخ قاسم بين “الناسخ والمنسوخ”

kasem open mouth

كتب أنطوان سلمون: النسخ لغة يأتي بمعنى الإزالة، يقال: “نسخت الشمس الظل، والشيب الشباب أي أزاله. أي ان الناسخ هو الحكم الأخير الذي أزال الحكم الذي سبقه وهو المنسوخ… والأمثلة كثيرة عليه في آيات القرآن الكريم، وقد يكون الشيخ نعيم قاسم الديني الشيعي الاثني عشري آخر من عمل به وترجمه في خطاب وداع سلفيه السيدين نصرالله وصفي الدين في 23 شباط 2025”.

قد يعتقد معتقدٌ ان الحزب القائم على الدين والذي يقرن اسمه بالله، من المستحيل ان يخطئ او يقارب الخطأ او التناقض بين القول والالتزام والتطبيق، ليتبين خطأ الاعتقاد وزيف الالتزام وسوء التطبيق.. وقد يكون خير مثال على ما نقول في ما حمله خطاب قاسم في تشييع سلفيه من نسوخ ومنسوخات متلاطمة متزاحمة يقول نعيم قاسم: “نحن لا نفرق بين المقاومة والأمة”.. ويقول نحن أبناء الخميني وخامنئي وأبناء قاسم سليماني.. المقاومة جاهزة وحاضرة، عُدّةً وعديداً وعتاداً”.

وينسخ قوله هذا بقوله: “بقاء المقاومة لا يعني إطلاق النار، وسوف نشارك ببناء الدولة وحريصون على مشاركة الجميع ببناء الدولة، ولبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه… التحرير بالوسائل الدبلوماسية فقط… إعادة الإعمار عبر الدولة…”، كما ينسخ بقوله: “وافقنا على طلب العدو بوقف إطلاق النار، لأن المقاومة ولبنان ليس لديهما مصلحة في استمرار القتال، حيث لا يتم تحقيق سوى الضرر من دون تقدم سياسي أو ميداني”.

بمعنى آخر، أصبح كل أمل بالحسم العسكري مجرد قتل وقتال من دون نتائج حقيقية.. قوة موافقتنا على وقف إطلاق النار في هذه اللحظة المناسبة، والتي لو تأخرت شهراً أو شهرين لما كانت لها نتائج مختلفة”. نحن الآن في مرحلة جديدة”.

كما نسخ الولي الفقيه الأب حسب توصيف قاسم حضور ودور الدولة” في تعيينه وكيلا شرعيا دينيا دنيويا له في “منطقة لبنان” في تاريخ 5 شباط 2025.

يقول قاسم: “خمسة وسبعين ألف جندي إسرائيلي لم يتمكنوا من التقدم في وجه المقاومة”، لينسخ ما قاله بقوله: “نحن التزمنا، بينما لم تلتزم إسرائيل. لقد صبرنا على إعطاء إسرائيل الفرصة للانسحاب بالاتفاق والدبلوماسية.. التزمنا باتفاق وقف إطلاق النار لكن إسرائيل لم ولن تلتزم وبعد انتهاء مهلة الانسحاب واستمرار العدوان أصبحنا أمام احتلال وعدوان وليس خرقا للاتفاق.. سنتابع تحرك الدولة اللبنانية لضمان الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بالطرق الدبلوماسية”.

“جمهور المقاومة والشعب اللبناني تكاتفوا جميعا وكانوا نموذجا” ليقول متوجهاً الى هذا الشعب ناسخاً ما قاله: “موتوا بغيظكم، المقاومة باقية واصفاً شكواهم بـ”نقيق الضفادع”.

يقول الشيخ نعيم قاسم في خطابه: “اشكر كل من حضر” ليسمع أثناء شكره حضور لافت وطاغٍ للعدو الإسرائيلي ومسيراته وطائراته العسكرية والتي قال العدو انها نفسها التي ساهمت باغتيال الامين العام الراحل حسن نصرالله.

مقابل خطاب قاسم المرحِّب بمن “حضر” بغياب قاسم نفسه عن الحدث التاريخي الجلل، نسخ فريق الحزب السياسي والاعلامي عذر غياب قاسم بقول غالب ابو زينب على سبيل المثال: “استغربت عدم مشاركة ‎جبران باسيل في مراسم تشييع السيد “كان لازم يكون أول الناس”.

لا شك ان محاولة قاسم التملّص من الالتزامات التي قبلها على مضض أملت عليه  هذه السلسلة الطويلة من الناسخ والمنسوخ، وما عهدناه من الحزب من محاولة المزاوجة بين الدولة والدويلة لصالح هذه الاخيرة بحلتها ومرحلتها الجديدة التي تحدّث عنها قاسم إبقاءً للمقاومة عدة وعديدا وعتادا مع “التزام لفظي” بالدولة والطائف… وقد تكون افضل تجليات نسخ ما سبق من ماض للحزب ولمرحلته العسكرية والتدخلات الاقليمية تلك التي برزت في خطاب القسم للرئيس جوزاف عون وبيان حكومة نواف سلام وأخيراً في الرسالة الحاسمة التي ابلغها الرئيس عون للولي الايراني لدى استقباله رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي، والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني، مع الوفد المرافق لهم، اذ قال الرئيس للوفد ومن يمثل ومن يتبعه في لبنان والمنطقة: “إنّ لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية، معرباً عن أمله في الوصول إلى حل عادل لها. كما نوّه الرئيس عون بما صدر عن قمة الرياض الأخيرة والتي شاركت فيها إيران، لاسيما “تأكيد حل الدولتين بالنسبة الى القضية الفلسطينية، وعلى أنّ السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين” غامزاً من قناة حماس ودون ذكر المناسبة التي من اجلها اتى الوفد الايراني، ومن دون اشارة الى صاحبي المناسبة… واللبيب من الاشارة والرسالة يفهم.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: