أجمع الكثيرون في الماضي ويجمع الأكثر اليوم على تأييد دور الجيش اللبناني والتف الكثيرون ويلتف الاكثر اليوم حوله تأييداً واحتضاناً لينسحب الاجماع والتأييد والالتفاف والاحتضان وبشكل طبيعي على ادارة هذه المؤسسة المتمثلة بقائد الجيش الماروني بغض النظر عن شخصه وصفاته ومناقبيته وادائه.
تُنعَش ذاكرة اللبنانيين الجماعية الايجابية ناحية الجيش وقيادته مع ذكر القائد الأول للجيش اللبناني ومؤسسه الرئيس العماد فؤاد شهاب مع ما طبعه وتركه من أثار ايجابية من ناحية المؤسسات واحترام القانون والدستور ومن بعض السلبيات المتمثلة بتدخل المكتب الثاني في مفاصل الحياة العامة والخاصة.
كما تنعش الذاكرة مع الخيبة بعد الآمال التي علقها بعض حسني النية من الملتفين عفوياً ومبدئياً حول الجيش وقائده من فترة رئاسة العماد إميل لحود في ظل وتحت ادارة وارادة الاحتلال السوري والفصيل الايراني في لبنان المتمثل بـ”الحزب” الفارضين للتمديد بالقوة وتحت طائلة تكسير لبنان وجبله على رأس الشهيد رفيق الحريري ووليد جنبلاط ليعتبر بعدها الرئيس خريج مؤسسة الجيش اغتيال الحريري ضرباً من ضروب الرزالة لا أكثر متمادياً بإسقاط مشيئة المحتل على رؤوس اللبنانية بنظام امني وقضائي سوري لبناني سقط بقوة الشعب المنتفض على حكم العسكر المنحرف المنجرف والمخالف والذي كتب عنه الشهيد سمير قصير “عسكر على مين”.
ليصل للمرة الثالثة قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان الذي بدأ عهده بأن ينتخب نتيجة لتسوية في الخارج ونتيجة لاتفاق في الدوحة في قطر بعد أن اجتاح الحزب وحلفاؤه بيروت والجبل بالقوة العسكرية تحت مراى ومسمع الجيش اللبناني والقوى الامنية وفي ظل صمت قائد الجيش المرشح للرئاسة… وعلى عكس مسار القائد والرئيس الذي سبقه انتهج سليمان في فترة حكمه غير الممددة مساراً مناقضاً في ما يخص السلاح والسيادة والعلاقة مع سوريا مما ازعج الممانعين وحلفاءهم من المتربصين شراً وخرقاً لسيادة لبنان وإنفاذ الدستور والقوانين فيه استماتة في الدفاع عن الثلاثية التي اطلق عليها سليمان صفة الخشبية اي جيش شعب ومقاومة وقتلا لكل من وقف بوجه الاختراقات الامنية للسيادة مثل وسام الحسن الذي القى القبض على ميشال سماحة مع متفجراته التي ارسلها النظام السوري عبر مسؤوله الأمني علي مملوك.
خشية من تكرار تجربة فؤاد شهاب وميشال سليمان في الحكم قام الحزب ومحور الممانعة بتعطيل الانتخابات الرئاسية بعد انتهاء عهد ميشال سليمان لسنتين ونصف ليأتي بالعماد ميشال عون الذي وعد من معراب بالالتزام ببنود ورقة النوايا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية كما تعهد بأن تكون البنود السيادية من ضمن خطة حكمه وجزءاً لا يتجزأ من خطاب القسم، لتكون التجربة أكبر برهان على مجافاة العماد عون لكل ما يمت بسيادة دولة وباحترام والتزام بالدستور والقوانين، ودليلاً صارخاً على محاباة عون وتياره وحاشيته الحزبية والعائلية للدويلة ومسايرةً لانتهاكاتها وخروقاتها وارتكاباتها.
اليوم يكثر الحديث عن ارتفاع حظوظ العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية وتتنازع اللبنانيين بعيداً من رأي الأحزاب والكتل النيابية والمراجع السياسية والروحية، موجتان متناقضتان بين الاطمئنان والارتياح انطلاقاً مما لمسوه من اداء ومناقبية للقائد المرشح، ومِن ما قرأوه عن التجربة الشهابية وعاشوه في آخر عهد ميشال سليمان وبين موجة من “النقزة” والخيبة اللتين لمسوهما من تجربتي لحود وعون السابقتين.
لو قدّر للعماد المرشح او أي مرشح آخر أن يقرأ في فكر وقلب اللبنانيين وفي آمالهم لقرأ املاً في استعادة التجربة الشهابية في انفاذ القانون على الجميع واحترام سيادة الدولة اللبنانية وحدها على أراضيها مستلهمين من اللقاء الذي اصر الرئيس العماد فؤاد شهاب على عقده مع الرئيس المصري والزعيم العربي جمال عبد الناصر في 9 شباط 1959 تحت خيمة على الحدود السورية اللبنانية تأكيداً على استقلال لبنان وسيادته على ارضه، النموذج السيادي ومثال على الرئيس العتيد ان يحتذيه في احترام قسمه الذي سيلقيه ويلتزم فيه فعلاً لا قولاً بأن “يحترم دستور الامة اللبنانية وقوانينها ويحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة اراضيه”.