إتسعت دائرة الاتهامات في قضية المسؤول القواتي في قضاء جبيل باسكال سليمان، وكنا قد أشرنا في مقالة يوم أمس الى ذلك، سائلين عن هوية المتلطي وراء السوريين لإرتكاب هذه الجريمة…؟، لكن حبكة اخراج السيناريوهات عملت على إتجاه واحد، هو دافع السرقة الذي بقي خارج الدائرة، فالسيارة بقيت ربما سالمة في سوريا فيما لم يسلم باسكال، في ظل سؤال واحد يتردّد منذ إعلان مقتله، عن سبب نقل جثته الى سوريا، وهذا يحمل في طياته إتهامات عدة لا بدّ ان تظهر ولو بعد حين.
النهاية واحدة لكن مروّعة للضحية، تعذيب وقتل وتصفية بأبشع الطرق منذ الدقائق الاولى، ويوم حافل من المتابعات الأمنية، تخللها إعلان توقيف معظم أفراد العصابة السوريين، الذين شاركوا في عملية الخطف، وسط شائعات عبر بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الامس، بأنّ سليمان على قيد الحياة وفي طريقه للعودة الى اهله ورفاقه.
فيما ضجّت أماكن اخرى بسيناريوهات مخيفة عن فتنة طائفية تتحضّر، وتهديدات بعودة أيام الماضي الاليم والحرب الاهلية، والى ما هنالك من مخاوف حاول اللبنانيون نسيانها، لكن تردّداتها تعود كل فترة لتخيّم على حياتهم، فيعشيون هواجس تلك المراحل القاتمة والسوداء، من دون ان يجدوا مَن يمنعها عنهم لانهم مهدّدون بها دائماً، طالما ما زالت الدولة بعيدة عن السيطرة على كامل اراضيها، والقوانين تنفذ على البعض، فيما البعض الاخر يتحلى بالمواطنية الاولى لأسباب معروفة.
الى ذلك إتخذت قضية الشهيد سليمان منعطفاً جديداً ومخيفاً، لانها جعلت اللبنانيين يستذكرون العديد من الشهداء الذين سقطوا بسبب الاختلاف السياسي مع البعض. وفي إطار آخر ولنفترض أنّ الاسباب غير سياسية، فيما هي المرجّحة والامثلة كثيرة، وزمنها ليس بعيداً اذ يسقط كل فترة شهيد لـ”القوات اللبنانية” وآخرهم الياس الحصروني الذي لم تتابع قضيته حتى النهاية والسبب معروف.
لذا لنتجه بحسب ما دعا البعض في الامس الى الاتجاه المصرفي، وسليمان يعمل في هذا المجال، وقد يكون الفاعلون وظفوا سوريين لهذه المهمة، ومن هنا نستذكر المصرفي انطوان داغر الذي قتل قبل فترة، لانه كشف جرائم مالية تضّر بالبعض، ومن الضروري إعادة فتح ملف داغر للتوصل الى خيوط جديدة.
وفي السياق صدرعن المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف بيان، “شجب عملية الاختطاف الى تعرض لها سليمان، المدير في دائرة المعلوماتية في بنك بيبلوس، وذكّر مجلس الاتحاد بأن هذه الجريمة ليست الأولى بحق الزملاء المصرفيين، وللتذكير فإن جريمة قتل انطوان داغر، مدير دائرة مكافحة تبييض الأموال في بنك بيبلوس، بقي مرتكبوها مجهولين ومن دون عقاب”.
هذا جزء من البيان الذي يفتح الملف من جديد، لذا لا بدّ من وضع هذا الإحتمال ايضاً ضمن الدائرة الى حين صدور الحقيقة.
في غضون ذلك ومع تكرّر هذه الاحداث، يبقى الرد المسيحي الموحّد من الاولويات المطلوبة والمنتظرة اليوم، لانّ الضبابية غير مقبولة في ظل ما يحصل، والمطلوب إعلان موقف يفتح خطوط الامان وبأن تكون الدولة عنوان ثقة، لانّ السبب السياسي للجريمة ما زال مخيّماً وحاضراً حتى إشعار آخر، الامر الذي يُبقي لبنان ساحة فوضى وقتل متعمّد وثأري… فإلى متى؟!