ربما من لبنان.. مؤشرات بداية سقوط النظام الإيراني والبديل يبدو جاهزاً؟!

iran flag1

كتب جورج أبو صعب: هي ليست صدفةً أن تتوالى التطورات الدراماتيكية في لبنان والمنطقة في الآونة الأخيرة بدءاً من مقتل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، مروراً باغتيال رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وصولاً الى اغتيال رئيس المكتب السياسي يحيى السنوار.

مع قافلة الاغتيالات التي استهدفت في آن القيادات والشخصيات القيادية لدى حركة “حماس” وحزب الله، سواء في غزّة أو في لبنان، فما حصلَ ويحصل ليس سوى استكمال فصولٍ من المخطط الأكبر الذي يجد أصوله في القرار الدولي المتّخذ منذ أكثر من سنة بإنهاء الميليشيات الإيرانية في المنطقة، وإعادة إيران الى حجمها الدَولَتي من خلال تصفية وجود وتأثير وسيطرة الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في المنطقة.

اذا أردنا، في لمحةٍ سريعةٍ، استعراض الوضع الجيو سياسي والاستراتيجي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يمكننا التوقّف عند الآتي:

أولاً: خسارة النظام الإيراني الورقة الفلسطينية مع اغتيال يحيى السنوار وإضعاف حركة حماس، فيما الجهاد الإسلامي على طريق التصفية العسكرية الكاملة.

-ثانياً: خسارة ورقة حزب الله القوية مع اغتيال أمينه العام ورجالاته وقادته السياسيين والميدانيين من الصفوف الأولى والثانية والثالثة.

-ثالثاً: خسارة نظام الملالي ورقة التفاوض مع إدارة الرئيس جو بايدن قبل رحيلها بعدما باتت واشنطن داعمةً بالمطلق لإسرائيل ولتصفية ميليشيات إيران في المنطقة.

-رابعاً: خسارة إيران للأمل باتفاق نووي يُحرّر لها قبل أي شيء أرصدتها المالية المجمّدة في العالم، وقد أضافت واشنطن منذ أيام كيانات وشخصيات إيرانية جديدة على لائحة العقوبات.

-خامساً: خسارة إيران الدعم الروسي في سوريا وغياب الدعم الصيني لها في المواجهة.

-سادساً: إضطرارها، أمام خسارة وإضعاف وكلائها الإقليميين، الى التدخّل مباشرةً في المواجهة للمرة الأولى بينها وبين إسرائيل وداعميها وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأميركية.

-سابعاً: تقلّص أوراق التفاوض والضغط لدى نظام الملالي بعدما خسر ورقة الميليشيات أو يكاد، من خلال خسارته بالدرجة الأولى لقوة حزب الله، ومن ثم لقوة حماس والجهاد، وبالتالي لم يبقَ بيد النظام الإيراني ما يعطيه أو يساوم عليه من أوراق وازنة، اللهم سوى السيطرة المباشرة على الدول المحتلّة من ميليشياتها كما في لبنان، ما يُفسّر على سبيل المثال لا الحصر تصريحات رئيس البرلمان الإيراني الأخيرة حول التفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار 1701، بما شكّل تدخّلاً سافراً في الشؤون اللبنانية ترجمَ محاولة طهران وضع لبنان تحت وصايتها المباشرة بعدما ضَعُفَ تأثير ووجود حزب الله الذي كان قابضاً بقوة على الدولة والقرارات السيادية، وفي طليعتها قرار الحرب والسلم.

-ثامناً: سقوط ورقة التفاوض على القرار 1701 بعدما لم يعد هذا القرار أولويةً أميركية وإسرائيلية فعلية، وقد استُبدل بقرارٍ سياسي عسكري إسرائيلي مدعومٍ من الولايات المتحدة الأميركية برسم حدود المنطقة اللبنانية المحايدة في الجنوب بالنار بدل الديبلوماسية، وقد احتلّت حتى الآن تل أبيب 8% من الأرض اللبنانية توغلاً وقضماً على مراحل لمدنٍ وقرى في القطاعين الشرقية والأوسط من جنوب لبنان، ولا تزال العمليات العسكرية مستعرةً في مناطق جنوبية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، وقد يطيحُ المخطط الإسرائيلي العسكري باتفاقية الغاز مع لبنان بحسب ما قاله مسؤولون إسرائيليون لم يعودوا يرون في ما عُقِدَ من تفاهمات واتفاقيات مع لبنان أيام سيطرة حزب الله على القرار اللبناني نفعاً وحاجةً.

ما يحصلُ في لبنان والمنطقة خطير جداً مصيري وغير مسبوق، فالأوضاع آخذة في التوسع وسوريا على قاب قوسين أو أدنى من تطورات دراماتيكية من الجانب الإسرائيلي وحلفائه على امتداد الخريطة الجيو سياسية من بيروت الى دمشق الى صنعاء فبغداد.

ما يتمُّ حالياً في المنطقة تنفيذ سيناريو “الشرق الأوسط الجديد”، فيما المخاض دموي ومدمِّر لكنه مضمون النتائج، فالتخلّص من أذرع إيران في المنطقة أساسٌ يمهّدُ للتخلّص من النظام الإيراني اذا استمر بالمواجهة ضد إسرائيل ولم يستسلم بدوره لسيناريو عودته الى حدوده ” الدَولَتية “، ومن أجل ذلك، فإن نظام الملالي يسعى حالياً الى عدم استكمال الإطباق الإسرائيلي على حزب الله، فسقوط الحزب كلياً يعني مباشرةً سقوط النظام في طهران.

وهنا اللعبة الدائرة راهناً والتجاذبات المركّزة على ساحات القتال.

الساعات والأيام والأسابيع القليلة المقبلة كفيلةٌ بالإفراج عن تحوّلات عسكرية وسياسية كبرى ستغيّرُ وجه المنطقة ومشهديتها، فسقوط الخطوط الحمر كاملةً وانتقال المواجهة من وكلاء إيران الى إيران نفسها يضعها في الواجهة وبالتالي الخيار بين الغلبة أو السقوط.

العين على لبنان وسوريا واليمن، هجومات واغتيالات آتية وتوافقات ضمنية بين القوى الكبرى في المنطقة تستهدف إيران ووجودها الإقليمي، حتى روسيا لم تعد بعيدةً عن تلك التوافقات الموضعية في مقابل أثمان معينة لها في أوكرانيا وأوروبا.

 من هنا تبقى الجبهة هي المعيار لإيران- لبنان، فإذا سقطَ “لبنان حزب الله” سقطت ورقتها الأقوى، وحينها تبدأ مرحلة المحاسبة الميدانية والاستراتيجية الكبرى لنظام طهران.

ليست مصادفة في الأيام الأخيرة عودة إبن شاه إيران الى المشهد العام وتداول الإعلام العالمي أخباره ونشاطاته وزياراته، فالبديل يبدو جاهزاً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: