ليس من المنطق ايها الصحافي أن تتباهى بحرّية الكلمة ونقل الحقيقة، وأنت مكبّل بالقيود…
هذه حال بعض الصحافيين في لبنان، فيما هم رسل الحقيقة… لكن اين نحن اليوم من هذا التعبير؟، في ظل كل ما يجري من تكبيل لهذا العنوان الذي كان يتباهى به لبنان؟.
“لكل شخص حق التمتع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرِّيته في اعتناق الآراء من دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين، بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.
هذا ما تشير اليه المادة 19 من الاعلان الدولي لحقوق الانسان، وإنطلاقاً من هذا المبدأ، يمكن التأكيد بأنّ حق التعبير عن الرأي مصان عالمياً، وينبثق عنه حق الإعلام والإعلاميين من صحافيين وغيرهم.
هذا عالمياً، اما على صعيد لبنان فحرّية الرأي مصانة في الدستور الحامي لحريّات الأفراد والمواطنين، وأبرزها حريّة الرأي والتعبير قولاً وكتابةً، وتجسّد الدولة هذه المبادئ في جميع المجالات من دون استثناء.
وعلى الرغم من هذه الصورة الايجابية، فمسلسل كمّ الأفواه مستمر لإسكات الكلمة الحرّة، وإستدعاء الصحافيين وكل مغرّد اراد ان يعبّر عن رأيه، او “يلطش” الى اي عملية فساد او فضيحة، ويلفت الى حقيقة زعيم والى ما هنالك، فيصبح في لحظات ضمن لائحة سوداء “مغضوب عليها”، ويُستدعى على الفور الى مكتب جرائم المعلوماتية للتحقيق معه، فيما هو ووفق القانون يجب ان يخضع للتحقيق امام محكمة المطبوعات، لكن للاسف يتواصل هذا المسلسل، على الرغم من كل النداءات والاصوات الرافضة لكل ما يجري بحق اهل الاعلام في لبنان، بعدما كان بلدهم مرتعاً للحريات في المنطقة، لكن كل هذا إنقلب في السنوات الاخيرة، فبات الصحافيون يقاومون بالقلم ليبقوا صوت الناس والحق، وصوت من لا صوت له، ما جعل الحرّية مسجونة وتحتاج لمن يطلق سراحها.
أمام هذا الواقع الاليم الذي بات يعرقل مهمة الصحافيين، نسأل عن كيفية صيانة هذا الحق؟، وعن اسباب عدم تطبيق القوانين الخاصة بالاعلام؟، في ظل وجود نصوص قانونية تحصر ملاحقة الصحافيين بمحكمة المطبوعات من دون غيرها، والتحقيق معهم من قبل قاض وليس من قبل الأجهزة الأمنية، لانّ محكمة المطبوعات وحدها مخولة النظر في مثل هذه الدعاوى، وذلك بموجب المادتين 28 و29 من قانونها.
الى ذلك لا بدّ من إلقاء الضوء على هذا الواقع، بالتزامن مع إستدعاء ناشرة موقع LebTalks الزميلة كريستيان الجميّل أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية يوم الإثنين، على خلفية دعوى تقدمت بها “جمعية أموالنا لنا” والمحامون التابعون للجمعية، إلا انّ الزميلة الجميّل لم تمثل امام المكتب المذكور، إنفاذاً لأحكام قانون المطبوعات، وإيماناً منها بالإلتزام بالقانون وتطبيقه وبنزاهة القضاء.
وقد حضر عنها وكيلها المحامي ميشال فلاّح، وقدّم مذكرة بهذا الخصوص وشدّد في إفادته على التزام موكلته بأحكام القانون، الذي يمنع مثول الصحافي أمام أي جهاز أمني، بل حصراً أمام محكمة المطبوعات او قاضي التحقيق.
في الختام لا بدّ من الإشارة الى انّ عدم تطبيق القوانين وعلى كل الاصعدة، ادى الى كل هذا الفلتان في البلد، فالحلّ يبدأ من هنا، وليس عبر المحسوبية والإستنسابية، فبالقانون وحده يُسترجع لبنان من جديد.